للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: عَلَيْهِ الْقِصَاصُ. وَلَوْ قَتَلَ مَنْ يَعْرِفُهُ ذِمِّيًّا عَبْدًا فَبَانَ أَنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ وَعَتَقَ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ، وَإِنْ كَانَ يَعْرِفُهُ مُرْتَدًّا فَكَذَلِكَ، قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ. قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَلَّا يَلْزَمَهُ إِلَّا الدِّيَةُ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

رَيْبَ فِي انْتِفَاءِ الْمُكَافَأَةِ حَالَ الرَّمْيِ، وَإِذَا عُدِمَتِ الْمُكَافَأَةُ فِي بَعْضِ الْجِنَايَةِ عُدِمَتْ فِي كُلِّهَا إِذِ الْكُلُّ يَنْتَفِي بِانْتِفَاءِ بَعْضِهِ وَكَمَا لَوْ رَمَى مُرْتَدًّا فَأَسْلَمَ (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ) وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ (عَلَيْهِ الْقِصَاصُ) لِأَنَّهُ قَتَلَ مُكَافِئًا لَهُ عَمْدًا عُدْوَانًا فَوَجَبَ الْقَوَدُ كَمَا لَوْ كَانَ حُرًّا مُسْلِمًا حَالَ الرَّمْيِ، وَلِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْإِصَابَةِ بِدَلِيلِ مَا لَوْ رَمَى، فَلَمْ يُصِبْهُ حَتَّى ارْتَدَّ وَكَقَتْلِهِ مَنْ عَلِمَهُ أَوْ ظَنَّهُ ذِمِّيًّا أَوْ عَبْدًا، فَكَانَ قَدْ أَسْلَمَ، أَوْ عَتَقَ، أَوْ قَاتِلَ أَبِيهِ، فَلَمْ يَكُنْ فِي الْأَصَحِّ، وَفِي " الرَّوْضَةِ " إِذَا رَمَى مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا هَلْ تَلْزَمُهُ دِيَةُ مُسْلِمٍ أَوْ دِيَةُ كَافِرٍ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْإِصَابَةِ، أَوِ الرَّمْيَةِ، ثُمَّ بَنَى مَسْأَلَةَ الْعَبْدِ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي ضَمَانِهِ بِدِيَةٍ أَوْ قِيمَةٍ، ثُمَّ بَنَى عَلَيْهِمَا مَنْ رَمَى مُرْتَدًّا، أَوْ حَرْبِيًّا فَأَسْلَمَ قَبْلَ وُقُوعِهِ هَلْ يَلْزَمُهُ دِيَةُ مُسْلِمٍ، أَوْ هَدَرٌ؟ .

١ -

فَرْعٌ: إِذَا رَمَى كَافِرًا فَأَصَابَهُ السَّهْمُ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ كَانَتْ دِيَتُهُ لِوَرَثَتِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَفِي " الشَّرْحِ " وُجُوبُ الْمَالِ مُعْتَبَرٌ بِحَالِ الْإِصَابَةِ ; لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنِ الْمَحَلِّ فَيُعْتَبَرُ عَنِ الْمَحَلِّ الَّذِي فَاتَ بِهَا فَيَجِبُ بِقَدْرِهِ، وَقَدْ فَاتَ بِهَا نَفْسُ مُسْلِمٍ حُرٍّ، وَالْقِصَاصُ جَزَاءُ الْفِعْلِ فَيُعْتَبَرُ الْفِعْلُ فِيهِ وَالْإِصَابَةُ مَعًا ; لِأَنَّهُمَا طَرَفَاهُ فَلِذَلِكَ لَمْ يَجِبِ الْقِصَاصُ بِقَتْلِهِ، قَالَ فِي " الرِّعَايَةِ " فِي الْأَصَحِّ

(وَلَوْ قَتَلَ مَنْ يَعْرِفُهُ ذِمِّيًّا عَبْدًا فَبَانَ أَنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ وَعَتَقَ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ) جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ وَصَاحِبُ " الْوَجِيزِ " ; لِأَنَّهُ قَتَلَ مَنْ يُكَافِئُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، أَشْبَهَ مَا لَوْ عَلِمَ حَالَهُ (وَإِنْ كَانَ يَعْرِفُهُ مُرْتَدًّا) فَبَانَ أَنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ (فَكَذَلِكَ، قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ) لِأَنَّهُ قَتَلَ مُكَافِئًا عُدْوَانًا عَمْدًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُخَلَّى فِي دَارِ الْإِسْلَامِ إِلَّا بَعْدَ إِسْلَامِهِ، بِخِلَافِ مَنْ فِي دَارِ الْحَرْبِ (قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَلَّا يَلْزَمَهُ) الْقِصَاصُ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ قَتْلَ مَعْصُومٍ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ قِصَاصٌ كَمَا لَوْ قَتَلَ فِي دَارِ الْحَرْبِ مَنْ يَعْتَقِدُهُ حَرْبِيًّا بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ، وَلَا يَلْزَمُهُ (إِلَّا الدِّيَةُ) لِأَنَّ الِارْتِدَادَ سَلَّطَهُ عَلَيْهِ وَوَجَبَتِ الدِّيَةُ لِئَلَّا يَفُوتَ الْقِصَاصُ إِلَى بَدَلٍ.

١ -

تَنْبِيهٌ: يُقْتَلُ الْمُكَلَّفُ بِطِفْلٍ وَمَجْنُونٍ، وَالْعَالِمُ وَالشَّرِيفُ بِضِدِّهِمَا، وَالصَّحِيحُ

<<  <  ج: ص:  >  >>