للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَخَتَمَهُ، وَقَالَ: هَذَا كِتَابِي إِلَى فُلَانٍ، اشْهَدَا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ. لَمْ يَصِحَّ ; لِأَنَّ أَحْمَدَ قَالَ فِيمَنْ كَتَبَ وَصِيَّةً وَخَتَمَهَا ثُمَّ أَشْهَدَ عَلَى مَا فِيهَا: فَلَا، حَتَّى يُعْلِمَهُ مَا فِيهَا. وَيَتَخَرَّجُ الْجَوَازُ لِقَوْلِهِ: إِذَا وُجِدَتْ وَصِيَّةُ الرَّجُلِ مَكْتُوبَةً عِنْدَ رَأْسِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ أَشْهَدَ أَوْ أَعْلَمَ بِهَا أَحَدًا عِنْدَ مَوْتِهِ، وَعُرِفَ خَطُّهُ، وَكَانَ مَشْهُورًا، فَإِنَّهُ يُنَفَّذُ مَا فِيهَا. وَعَلَى هَذَا إِذَا عَرَفَ الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ أَنَّهُ خَطُّ الْقَاضِي الْكَاتِبِ وَخَتْمُهُ، جَازَ قَبُولُهُ، وَالْعَمَلُ عَلَى

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَلَا يَكْفِي ذِكْرُ اسْمِهِ فِي الْعُنْوَانِ دُونَ بَاطِنِهِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَقَعْ عَلَى وَجْهِ الْمُخَاطَبَةِ. (وَإِنْ كَتَبَ كِتَابًا وَأَدْرَجَهُ وَخَتَمَهُ، وَقَالَ: هَذَا كِتَابِي إِلَى فُلَانٍ، اشْهَدَا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ. لَمْ يَصِحَّ) قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْفُرُوعِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ ; لِأَنَّهُمَا شَهِدَا بِمَجْهُولٍ لَا يَعْلَمَانِهِ، فَلَمْ يَصِحَّ. كَمَا لَوْ شَهِدَا أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ مَالًا. (لِأَنَّ أَحْمَدَ قَالَ فِيمَنْ كَتَبَ وَصِيَّةً وَخَتَمَهَا ثُمَّ أَشْهَدَ عَلَى مَا فِيهَا: فَلَا حَتَّى يُعْلِمَهُ بِمَا فِيهَا) هَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى جِهَةِ الْأَصْلِ الْمُسْتَفَادِ مِنْهُ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ. (وَيَتَخَرَّجُ الْجَوَازُ) هَذا رِوَايَةٌ، كَمَا لَوْ شَهِدَا مَا فِي هَذَا الْكِيسِ مِنَ الدَّرَاهِمِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا قَدْرَهَا. (لِقَوْلِهِ: إِذَا وُجِدَتْ وَصِيَّةُ الرَّجُلِ مَكْتُوبَةً عِنْدَ رَأْسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ أَشْهَدَ أَوْ أَعْلَمَ بِهَا أَحَدًا عِنْدَ مَوْتِهِ، وَعُرِفَ خَطُّهُ، وَكَانَ مَشْهُورًا، فَإِنَّهُ يُنَفَّذُ مَا فِيهَا) لِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الْمَعْنَى. فَكَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ حُكْمًا. (وَعَلَى هَذَا إِذَا عَرَفَ الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ أَنَّهُ خَطُّ الْقَاضِي الْكَاتِبِ وَخَتْمُهُ، جَازَ قَبُولُهُ) لِأَنَّ الْقَبُولَ هُنَا كَتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ. وَقِيلَ: هُوَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: مَنْ عُرِفَ خَطُّهُ بِإِقْرَارٍ وَإِنْشَاءٍ، أَوْ عَقْدٍ أَوْ شَهَادَةٍ، عُمِلَ بِهِ كَمَيِّتٍ. فَإِنْ حَضَرَ وَأَنْكَرَ مَضْمُونَهُ، فَكَاعْتِرَافِهِ بِالصَّوْتِ وَإِنْكَارِ مَضْمُونِهِ. وَذَكَرَ قَوْلًا فِي الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يُحْكَمُ بِخَطِّ شَاهِدٍ مَيِّتٍ. وَقَالَ: الْخَطُّ كَاللَّفْظِ إِذَا عُرِفَ أَنَّهُ خَطُّهُ، وَأَنَّهُ مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ يَعْرِفُ أَنَّ هَذَا خَطُّهُ كَمَا يَعْرِفُ أَنَّ هَذَا صَوْتُهُ. (وَالْعَمَلُ عَلَى الْأَوَّلِ) لِمَا تَقَدَّمَ، فَالْعَمَلُ بِهِ أَوْلَى.

فَرْعٌ: إِذَا تَرَافَعَ إِلَيْهِ خَصْمَانِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ الْحُكْمُ بَيْنَهُمَا بِحُكْمِ وِلَايَتِهِ، إِلَّا بِتَرَاضِيهِمَا بِهِ. فَيَكُونُ حُكْمُ غَيْرِ الْقَاضِي إِذَا تَرَاضَيَا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْخَصْمَانِ مِنْ أَهْلِ عَمَلِهِ أَوْ لَمْ يَكُونَا. وَلَوْ تَرَافَعَ إِلَيْهِ اثْنَانِ وَهُوَ فِي مَوْضِعِ وِلَايَتِهِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ وِلَايَتِهِ، كَانَ لَهُ الْحُكْمُ بَيْنَهُمَا. فَإِنْ أَذِنَ الْإِمَامُ لِقَاضٍ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَ أَهْلِ وِلَايَتِهِ حَيْثُ كَانُوا، أَوْ مَنَعَهُ مِنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>