للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ، وَعَنْهُ: إِلَّا الْوَطْءَ فِي الْفَرْجِ، وَالْحَلْقُ وَالتَّقْصِيرُ نُسُكٌ إِنْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

النِّسَاءِ حَلْقٌ، إِنَّمَا عَلَى النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَلِأَنَّ الْحَلْقَ فِي حَقِّهِنَّ مُثْلَةٌ، فَعَلَى هَذَا تُقَصِّرُ مِنْ كُلِّ قَرْنٍ قَدْرَ الْأُنْمُلَةِ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُدَ: تَجْمَعُ شَعْرَهَا إِلَى مُقَدَّمِ رَأْسِهَا، ثُمَّ تَأْخُذُ مِنْ أَطْرَافِهِ قَدْرَهَا، وَفِي مَنْسَكِ ابْنِ الزَّاغُونِيِّ: يَجِبُ أُنْمُلَةٌ، وَالْأَشْهَرُ يُجْزِئُ أَقَلُّ مِنْهَا، وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الْمُؤَلِّفِ لِحُكْمِ الْعَبْدِ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي " الْوَجِيزِ " بِأَنَّ حُكْمَهُ كَالْمَرْأَةِ، وَأَنَّهُ يُقَصِّرُ، وَلَا يَحْلَقُ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ تَنْقُصُ قِيمَتُهُ، (ثُمَّ قَدْ حَلَّ لَهُ) بَعْدَ الرَّمْيِ وَالنَّحْرِ وَالْحَلْقِ أَوِ التَّقْصِيرِ (كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ) لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَحَلَقَ رَأْسَهُ، فَقَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ» . رَوَاهُ الْأَثْرَمُ، وَلِأَحْمَدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا مَعْنَاهُ. فَعَلَى هَذَا لَا يُبَاحُ لَهُ مَا كَانَ حَرَامًا عَلَيْهِ مِنْهُنَّ مِنَ الْقُبْلَةِ، وَاللَّمْسِ لِشَهْوَةٍ. قَالَ الْقَاضِي وَابْنُهُ وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ: وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وفِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " وَعَقْدُ النِّكَاحِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ حِلُّهُ، قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَذَكَرَهُ عَنْ أَحْمَدَ.

(وَعَنْهُ) : يَحِلُّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ (إِلَّا الْوَطْءَ فِي الْفَرْجِ) ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْمَرْأَةِ ظَاهِرٌ فِي وَطْئِهَا، وَلِأَنَّهُ أَغْلَظُ الْمُحَرَّمَاتِ، وَيُفْسِدُ النُّسُكَ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ. وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ فِي الْمُتَمَتِّعِ إِذَا دَخَلَ الْحَرَمَ، حَلَّ لَهُ بِدُخُولِهِ كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ وَالطِّيبَ، قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ أَوْ يُقَصِّرَ. رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ عُمَرَ، وَلِأَنَّهُ مِنْ دَوَاعِي الْوَطْءِ أَشْبَهَ الْقُبْلَةَ (وَالْحَلْقُ وَالتَّقْصِيرُ نُسُكٌ) مِنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: ٢٧] فَوَصَفَهُمْ وَامْتَنَّ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ فَدَلَّ أَنَّهُ مِنَ الْعِبَادَةِ مَعَ قَوْلِهِ {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} [الحج: ٢٩] قِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ الْحَلْقُ، وَقِيلَ: بَقَايَا أَفْعَالِ الْحَجِّ مِنَ الرَّمْيِ وَنَحْوِهِ، وَلِأَمْرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِقَوْلِهِ «فَلْيُقَصِّرْ أَوْ لِيُحَلِّلْ» وَلَوْ لَمْ يَكُنْ نُسُكًا لَمْ يَتَوَقَّفِ الْحِلُّ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - دَعَا لِلْمُحَلِّقِينَ وَلِلْمُقَصِّرِينَ، وَفَاضَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>