مَهْرَ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ سَمُّوا مَهْرًا، صَحَّ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: لَا يَصِحُّ.
وَالثَّانِي:
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
يُقَالُ: شَغَرَ الْكَلْبُ، إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ، وَقِيلَ: هُوَ الرَّفْعُ، كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ رَفَعَ رِجْلَهُ لِلْآخَرِ عَمَّا يُرِيدُ، وَقِيلَ: هُوَ الْبُعْدُ، كَأَنَّهُ بَعُدَ عَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الْأَظْهَرُ أَنَّهُ مِنَ الْخُلُوِّ، يُقَالُ: شَغَرَ الْمَكَانُ إِذَا خَلَا، وَمَكَانٌ شَاغِرٌ: أَيْ: خَالٍ، وَشَغَرَ الْكَلْبُ: إِذَا رَفَعَ رِجْلَهُ ; لِأَنَّهُ أَخْلَى ذَلِكَ الْمَكَانَ مِنْ رِجْلِهِ، وَقَدْ فَسَّرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِأَنَّهُ فَرْجٌ بِفَرْجٍ، فَالْفُرُوجُ كَمَا لَا تُوهَبُ وَلَا تُورَثُ، فَلِأَنْ لَا يُعَارَضَ بُضْعٌ بِبُضْعٍ أَوْلَى ; وَلِأَنَّهُ جَعَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْعَقْدَيْنِ سَلَفًا فِي الْآخَرِ، فَلَمْ يَصِحَّ، كَبِعْتُكَ ثَوْبِي بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ تَبِيعَنِي ثَوْبَكَ بِمِائَةٍ، (وَهُوَ أَنْ يُزَوِّجَهُ وَلِيَّتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الْآخَرُ وَلِيَّتَهُ وَلَا مَهْرَ بَيْنَهُمَا) فَهَذَا بَاطِلٌ ; لِمَا رَوَى نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنِ الشِّغَارِ» ، وَالشِّغَارُ: أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ ابْنَتَهُ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَأَبُو دَاوُدَ جَعَلَ تَفْسِيرَهُ مِنْ كَلَامِ نَافِعٍ، وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا، قَالَ: «لَا شِغَارَ فِي الْإِسْلَامِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَرُوِيَ نَحْوُهُ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَأَنَسٍ، وَجَابِرٍ، وَالنَّهْيُ يَدُلُّ عَلَى الْفَسَادِ، وَالنَّفْيُ لِنَفْيِ الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ ; وَيُؤَيِّدُهُ فِعْلُ الصَّحَابَةِ. قَالَ أَحْمَدُ: رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَزَيْدٍ أَنَّهُمَا فَرَّقَا فِيهِ، وَصَرَّحَ أَبُو الْخَطَّابِ وَجَمَعَ - رِوَايَةً بِبُطْلَانِ الشَّرْطِ، وَصِحَّةِ الْعَقْدِ مِنْ نَصِّهِ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ إِذَا تَزَوَّجَهَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ، أَوْ إِنْ جَاءَهَا بِالْمَهْرِ فِي وَقْتِ كَذَا، وَإِلَّا فَلَا نِكَاحَ أَنَّ النِّكَاحَ جَائِزٌ، والشَّرْطُ بَاطِلٌ ; إِذْ فَسَادُ التَّسْمِيَةِ لَا يُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ، كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى خَمْرٍ وَنَحْوِهِ، فَعَلَى هَذَا يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ (فَإِنْ سَمُّوا مَهْرًا) مُسْتَقِلًّا غَيْرَ قَلِيلٍ حِيلَةً (صَحَّ، نَصَّ عَلَيْهِ) وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ; لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ إِذِ التَّفْسِيرُ إِنْ كَانَ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ مِنْ نَافِعٍ فَهُوَ رَاوِي الْحَدِيثِ بِمَا لَا يُخَالِفُ ظَاهِرَهُ، فَيَقَعُ، وَقِيلَ: يَصِحُّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ (وَقَالَ الْخِرَقِيُّ) وَأَبُو بَكْرٍ فِي " الْخِلَافِ "، وَحَكَاهُ فِي " الْجَامِعِ " رِوَايَةً: أنَّهُ (لَا يَصِحُّ) ; لِمَا رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هُرْمُزَ الْأَعْرَجُ أَنَّ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute