تُجْزِئُهُ إِلَّا رَقَبَةٌ سَلِيمَةٌ مِنَ الْعُيُوبِ الْمُضِرَّةِ بِالْعَمَلِ ضَرَرًا بَيِّنًا كَالْعَمَى وَشَلَلَ الْيَدِ، وَالرِّجْلِ، أَوْ قَطْعَهُمَا، أَوْ قَطْعِ إِبْهَامِ الْيَدِ أَوْ سَبَّابَتِهَا أَوِ الْوُسْطَى أَوِ الْخِنْصَرِ وَالْبِنْصَرِ مِنْ يَدٍ وَاحِدَةٍ. وَلَا يُجْزِئُ الْمَرِيضُ الْمَأْيُوسُ مِنْهُ، وَلَا النَّحِيفُ الْعَاجِزُ عَنِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْمُقَيَّدِ إِذَا اتَّحَدَ الْحُكْمُ، وَلِأَنَّ الْإِعْتَاقَ يَتَضَمَّنُ تَفْرِيغَ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ لِعِبَادَةِ رَبِّهِ وَتَكْمِيلَ أَحْكَامِهِ وَمَعُونَةً لِلْمُسْلِمِينَ فَنَاسَبَ ذَلِكَ إِعْتَاقَهُ فِي الْكَفَّارَةِ تَحْصِيلًا لِهَذِهِ الْمَصَالِحِ. وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ وَجَمْعٌ: مَنْعُ حَرْبِيَّةٍ وَمُرْتَدَّةٍ اتِّفَاقًا، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ " وَيَتَوَجَّهُ فِي نَذْرِ عِتْقٍ مُطْلَقٍ رِوَايَةٌ مُخْرَجَةٌ مِنْ فِعْلٍ مَنْذُورٍ فِي وَقْتِ نَهْيٍ وَمِنْ مَنْعَه زَوْجَةٍ مِنْ حَجَّةِ نَذْرٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ كَالْوَاجِبِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ (وَلَا تُجْزِئُهُ إِلَّا رَقَبَةٌ سَلِيمَةٌ مِنَ الْعُيُوبِ الْمُضِرَّةِ بِالْعَمَلِ ضَرَرًا بَيِّنًا) ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَمْلِيكُ الْعَبْدِ مَنْفَعَتَهُ وَتَمْكِينَهُ مِنَ التَّصَرُّفِ، وَلَا يَحْصُلُ هَذَا مَعَ مَا يَضُرُّ بِالْعَمَلِ ضَرَرًا بَيِّنًا (كَالْعَمَى) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْعَمَلُ فِي أَكْثَرِ الصَّنَائِعِ لِفَقْدِهِ الْبَصَرَ الَّذِي يَهْتَدِي بِهِ إِلَى الْعَمَلِ. (وَشَلَلِ الْيَدِ، وَالرِّجْلِ، أَوْ قَطْعِهِمَا) لِأَنَّ الْيَدَ آلَةُ الْبَطْشِ، وَالرِّجْلَ آلَةُ الْمَشْيِ، فَلَا يَتَهَيَّأُ كَثِيرٌ مِنَ الْعَمَلِ مَعَ حُصُولِ ذَلِكَ. وَكَذَا لَا يُجْزِئُ مُقْعَدٌ وَمَجْنُونٌ مُطْبِقٌ ; لِأَنَّهُ وَجَدَ فِيهِ الْمَعِيبَانِ ذَهَابَ مَنْفَعَةِ الْحِسِّ وَحُصُولَ الضَّرَرِ، وَلِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَسْتَقِلَّ بِكِفَايَةِ نَفْسِهِ يَكُونُ كَلًّا عَلَى غَيْرِهِ. وَقَدْ نَظَرَ الشَّافِعِيُّ فِي الْعُيُوبِ مِنْ كُلِّ بَابٍ إِلَى مَا يَلِيقُ بِهِ، فَاعْتَبَرَ هُنَا مَا يَضُرُّ بِالْعَمَلِ. وَفِي الْأُضْحِيَّةِ مَا يَنْقُصُ اللَّحْمَ، وَفِي النِّكَاحِ مَا يُخِلُّ بِمَقْصُودِ الْجِمَاعِ، وَفِي الْبَيْعِ مَا يُخِلُّ بِالْمَالِيَّةِ (أَوْ قَطْعِ إِبْهَامِ الْيَدِ، أَوْ سَبَّابَتِهَا، أَوِ الْوُسْطَى، أَوِ الْخِنْصَرِ، وَالْبِنْصِرِ مِنْ يَدٍ وَاحِدَةٍ) لِأَنَّ نَفْعَ الْيَدِ يَزُولُ أَكْثَرُهُ بِذَلِكَ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ قُطِعَ خِنْصَرُهُ وَبِنْصِرُهُ مِنْ يَدَيْنِ جَازَ عِتْقُهُ. وَصَرَّحَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " ; لِأَنَّ نَفْعَ الْكَفَّيْنِ بَاقٍ، وَقَطْعَ أُنْمُلَةِ الْإِبْهَامِ كَقَطْعِهَا، وَإِنْ قُطِعَ مِنْ إِصْبَعٍ أُنْمُلَتَانِ، فَهُوَ كَقَطْعِهَا ; لِأَنَّهُ ذَهَبَ بِمَنْفَعَتِهَا، وَإِنْ قُطِعَ مِنْ إِصْبَعٍ غَيْرِ الْإِبْهَامِ أُنْمُلَةٌ لَمْ يَمْنَعْ. وَفِي " الْوَاضِحِ " أَنَّ مَقْطُوعَ الْإِبْهَامَيْنِ، لَا يُجْزِئُ، بِخِلَافِ مَا إِذَا قُطِعَ أَحَدُهُمَا (. وَلَا يُجْزِئُ الْمَرِيضُ الْمَأْيُوسُ مِنْهُ) كَمَرَضِ السُّلِّ ; لِأَنَّ بُرْأَهُ يَنْدُرُ، وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنَ الْعَمَلِ مَعَ بَقَائِهِ. وَقِيلَ: أَوْ لَا، ثُمَّ مَاتَ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَأْيُوسًا مِنْهُ كَالْحُمَّى، وَنَحْوِهَا لَمْ يَمْنَعْ. (وَلَا النَّحِيفُ الْعَاجِزُ عَنِ الْعَمَلِ) لِعَجْزِهِ عَمَّا هُوَ الْمَقْصُودُ بِعِتْقِ الرَّقَبَةِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا تَمَكَّنَ مِنَ الْعَمَلِ، فَإِنَّهُ يُجْزِئُ. وَفِي مَعْنَاهُ الزَّمِنُ، وَالْمُقْعَدُ وَفِيهِمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute