للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

لَهُ كَالْهِبَةِ لَهُ مُطْلَقًا، وَإِنْ زَالَ مِلْكُهُ فِي الْحَالِ فَلَا، وَإِنْ وَقَفَ أَمْرُ مَالِهِ عَلَى إِسْلَامِهِ، فَأَسْلَمَ، احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا لَكَانَ أَوْلَى إِذِ الْخِلَافُ فِيهِمَا مَعًا.

تَنْبِيهٌ: يُعْتَبَرُ تَعْيِينُ الْمُوصَى لَهُ، فَلَوْ قَالَ: ثُلُثِي لِأَحَدِ هَذَيْنِ، أَوْ لِجَارِهِ، أَوْ لِقَرَابَتِهِ مُحَمَّدٍ بَاسِمٍ مُشْتَرَكٍ، لَمْ يَصِحَّ، وَعَنْهُ: بَلَى، كَقَوْلِهِ: أَعْطُوا ثُلُثِي أَحَدَهُمَا، فِي الْأَصَحِّ، فَقِيلَ: يُعَيِّنُهُ الْوَارِثُ، وَقِيلَ بِقُرْعَةٍ، وَجَزَمَ ابْنُ رَزِينٍ بِصِحَّتِهَا بِمَجْهُولٍ وَمَعْدُومٍ، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ قَالَ: عَبْدِي غَانِمٌ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي، وَلَهُ مِائَةٌ وَلَهُ عَبْدَانِ بِهَذَا الِاسْمِ، عَتَقَ أَحَدُهُمَا بِقُرْعَةٍ، وَلَا شَيْءَ لَهُ، نَقَلَهُ يَعْقُوبُ، وَعَلَى الثَّانِيَةِ هِيَ لَهُ مِنْ ثُلُثِهِ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ.

(وَتَصِحُّ لِمُكَاتَبِهِ) لِأَنَّهُ مَعَهُ كَالْأَجْنَبِيِّ فِي الْمُعَامَلَاتِ، فَكَذَا فِي الْوَصِيَّةِ، وَلِأَنَّهُ يَمْلِكُ الْمَالَ بِالْعَقْدِ، فَصَحَّتِ الْوَصِيَّةُ لَهُ كَالْحُرِّ، وَتَصِحُّ لِمُكَاتَبِ وَارِثِهِ، وَمُكَاتَبِ أَجْنَبِيٍّ، سَوَاءٌ أَوْصَى بِجُزْءٍ شَائِعٍ أَوْ مُعَيَّنٍ؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ لَا يَسْتَحِقُّونَ الْمُكَاتَبَ، وَلَا يَمْلِكُونَ مَالَهُ، فَإِنْ قَالَ: ضَعُوا عَنْ مُكَاتَبِي بَعْضَ كِتَابَتِهِ، وَضَعُوا مَا شَاءُوا، وَإِنْ قَالَ ضَعُوا نَجْمًا فَلَهُمْ وَضْعُ أَيِّ نَجْمٍ شَاءُوا سَوَاءٌ اتَّفَقَتْ أَوِ اخْتَلَفَتْ، فَإِنْ قَالَ: ضَعُوا عَنْهُ أَيَّ نَجْمٍ شَاءَ، رُدَّ ذَلِكَ إِلَى مَشِيئَتِهِ، وَإِنْ قَالَ: ضَعُوا عَنْهُ أَكْثَرَ نُجُومِهِ، وَضَعُوا عَنْهُ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِهَا، وَإِنْ قَالَ: الْأَوْسَطَ، تَعَيَّنَ، وَإِنْ كَانَتْ خَمْسَةً، تَعَيَّنَ الثَّالِثُ، أَوْ سَبْعَةً، تَعَيَّنَ الرَّابِعُ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ، رُجِعَ إِلَى قَوْلِ الْوَرَثَةِ (وَمُدَبَّرِهِ) لِأَنَّهُ يَصِيرُ حُرًّا حِينَ لُزُومِ الْوَصِيَّةِ، فَصَحَّتْ كَأُمِّ الْوَلَدِ، فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الثُّلُثِ هُوَ وَالْوَصِيَّةُ، قُدِّمَ عِتْقُهُ عَلَى الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ أَنْفَعُ لَهُ، وَقَالَ الْقَاضِي: يُعْتَقُ بَعْضُهُ، وَيُمْلَكُ مِنْهَا بِقَدْرِ مَا عُتِقَ مِنْهُ، وَجَوَابُهُ بِأَنَّهُ وَصَّى لِعَبْدِهِ وَصِيَّةً صَحِيحَةً، فَيُقَدَّمُ عِتْقُهُ عَلَى مَا يَحْصُلُ لَهُ مِنَ الْمَالِ، كَمَا لَوْ أَوْصَى لِعَبْدِهِ الْقِنِّ بِمُشَاعٍ مِنْ مَالِهِ (وَأُمِّ وَلَدِهِ) لِمَا رَوَى سَعِيدٌ أَنَّ عُمَرَ أَوْصَى لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ، وَرُوِيَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَغَيْرِهِ مِنَ التَّابِعِينَ، وَغَيْرِهِمْ لِأَنَّهَا حُرَّةٌ حِينَ لُزُومِ الْوَصِيَّةِ، وَكَوَصِيَّتِهِ أَنَّ ثُلُثَ فَرَسِهِ، وَقْفٌ عَلَيْهَا مَا دَامَتْ عَلَى وَلَدِهَا، نَقَلَهُ الْمَرْوَذِيُّ، وَإِنْ شَرَطَ عَدَمَ تَزْوِيجِهَا، فَفَعَلَتْ، وَأَخَذَتِ الْوَصِيَّةَ، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ فَقِيلَ: تَبْطُلُ، وَقِيلَ: لَا كَوَصِيَّتِهِ بِعِتْقِ أَمَتِهِ عَلَى شَرْطِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>