فَإِذَا قَبِلَهَا، فَهِيَ لِسَيِّدِهِ، وَتَصِحُّ لِعَبْدِهِ بِمَشَاعٍ كَثُلُثِ مَالِهِ، فَإِذَا أَوْصَى بِثُلُثِهِ عَتَقَ، وَأَخَذَ فَاضِلَ الثُّلُثِ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الثُّلُثِ، عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ، وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِمُعَيَّنٍ، أَوْ بِمِائَةٍ لَمْ يَصِحَّ، وَحُكِيَ عَنْهُ: أَنَّهُ يَصِحُّ، وَتَصِحُّ لِلْحَمْلِ إِذَا عُلِمَ أَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَتَصِحُّ لِعَبْدِ غَيْرِهِ) لِأَنَّهُ يَصِحُّ اكْتِسَابُهُ، فَصَحَّتِ الْوَصِيَّةُ كَالْحُرِّ، إِنْ قُلْنَا: يَمْلِكُ، صَرَّحَ بِهِ فِي الْفُرُوعِ، وَفِي الْوَاضِحِ ـ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ ـ خِلَافُهُ، وَهَذَا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ عَبْدَ وَارِثِهِ، وَلَا قَاتِلَهُ إِنْ لَمْ يَصِرْ حُرًّا وَقْتَ نَقْلِ الْمِلْكِ (فَإِذَا قَبِلَهَا، فَهِيَ لِسَيِّدِهِ) لِأَنَّهُ مِنْ كَسْبِ عَبْدِهِ، وَكَسْبُهُ لِلسَّيِّدِ مَا لَمْ يَكُنْ حُرًّا، وَقْتَ مَوْتِ مُوصٍ، وَإِنْ عَتَقَ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْقَبُولِ، فَالْخِلَافُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ قَبُولَ الْعَبْدِ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى إِذْنِ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ كَسْبٌ كَالِاحْتِطَابِ، وَفِيهِ وَجْهٌ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مِنَ الْعَبْدِ، فَهُوَ كَبَيْعِهِ، وَرُدَّ: بِأَنَّهُ تَحْصِيلُ مَالٍ بِغَيْرِ عِوَضٍ، فَلَمْ يَفْتَقِرْ إِلَى إِذْنِهِ كَالْمُبَاحِ.
(وَتَصِحُّ لِعَبْدِهِ بِمَشَاعٍ كَثُلُثِ مَالِهِ) لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ تَضَمَّنَتِ الْعِتْقَ بِثُلُثِ مَالِهِ فَصَحَّتْ، كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِذَلِكَ (فَإِذَا أَوْصَى بِثُلُثِهِ عَتَقَ) كَمَا إِذَا كَانَ ثُلُثُهُ مِائَةً، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ مِائَةً أَوْ دُونَهَا، عَتَقَ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ مِنْ كُلِّ جُزْءٍ مِنَ الْمَالِ ثُلُثَهُ مَشَاعًا، وَمِنْ جُمْلَتِهِ نَفْسُهُ، فَيَمْلِكُ ثُلُثَهَا، وَإِذَنْ يَعْتِقُ ذَلِكَ الْجُزْءُ لِتَعَذُّرِ مِلْكِ نَفْسِهِ، وَيَسْرِي إِلَى بَقِيَّتِهِ، كَمَا لَوْ أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدِهِ، بَلْ أَوْلَى (وَأَخَذَ فَاضِلَ الثُّلُثِ) لِأَنَّهُ صَارَ حُرًّا (وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الثُّلُثِ عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ) وَلَا يَعْتِقُ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تُنَفَّذُ فِي الزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ، إِلَّا بِإِجَازَةِ الْوَارِثِ، وَلَمْ يُوجَدْ، وَعُلِمَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّهُ إِذَا أَوْصَى لَهُ بِنَفْسِهِ، أَوْ رَقَبَتِهِ أَنَّهُ يَصِحُّ وَيَعْتِقُ بِقَبُولِهِ إِنْ خَرَجَ مِنْ ثُلُثِهِ، وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِهِ، وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِبَعْضِ رَقَبَتِهِ، فَخَرَجَ مِنَ الثُّلُثِ، عَتَقَ مَا وَصَّى لَهُ بِهِ، وَفِي بَقِيَّتِهِ رِوَايَتَانِ.
(وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِمُعَيَّنٍ) كَدَارٍ وَثَوْبٍ (أَوْ بِمِائَةٍ، لَمْ يَصِحَّ) فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مِلْكًا لِلْوَرَثَةِ، فَمَا وَصَّى لَهُ بِهِ، فَهُوَ لَهُمْ، فَكَأَنَّهُ وَصَّى لِوَرَثَتِهِ بِمَا يَرِثُونَهُ، فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَعَنْهُ: يَصِحُّ كَالْمَشَاعِ، وَعَلَيْهَا مَا ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي أَنَّهُ يَشْتَرِي الْعَبْدَ مِنَ الْوَصِيَّةِ فَيَعْتِقُ، وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لَهُ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: مُحَافَظَةٌ عَلَى تَصْحِيحِ كَلَامِ الْمُكَلَّفِ مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute