للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَارَ الْحَرْبِ رَاجِلًا، ثُمَّ مَلَكَ فَرَسًا أَوِ اسْتَعَارَهُ، أَوِ اسْتَأْجَرَهُ وَشَهِدَ بِهِ الْوَقْعَةَ، فَلَهُ سَهْمُ فَارِسٍ. وَإِنْ دَخَلَ فَارِسًا، فَنَفَقَ فَرَسُهُ، أَوْ شَرَدَ حَتَّى تَقَضَّى الْحَرْبُ، فَلَهُ سَهْمُ رَاجِلٍ، وَمَنْ غَصَبَ فَرَسًا فَقَاتَلَ عَلَيْهِ، فَسَهْمُ الْفَرَسِ لِمَالِكِهِ وَإِذَا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

يُسْهَمُ لِلْبَعِيرِ مُطْلَقًا، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ} [الحشر: ٦] وَلِأَنَّهُ حَيَوَانٌ سَابَقَ عَلَيْهِ بِعِوَضٍ، فَجَازَ أَنْ يُسْهَمَ لَهُ، كَالْخَيْلِ. فَعَلَى هَذَا: يُسْهَمُ لَهُ سَهْمٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَاوِي الْخَيْلَ قَطْعًا فَاقْتَضَى أَنْ يَنْقُصَ عَنْهَا. وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ كَفَرَسٍ. وَبِهِ قَطَعَ فِي " الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ ". وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُمْكِنُ الْقِتَالُ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ ثَقِيلًا لَا يَصْلُحُ إِلَّا لِلْحَمْلِ، لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا، وَفِي " الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ " لِلْفِيلِ سَهْمُ الْهَجِينِ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ فِي قَدْرِهِ. وَغَلَّطَهُ الزَّرْكَشِيُّ. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إِجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْهَمَ لِغَيْرِ الْخَيْلِ» ، مَعَ أَنَّهُ كَانَ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ سَبْعُونَ بَعِيرًا، وَلَمْ تَخْلُ غَزْوَةٌ مِنْهَا، وَلَوْ أَسْهَمَ لَهَا لَنُقِلَ.

فَرْعٌ: إِذَا غَزَا عَلَى فَرَسٍ لَهُمَا هَذَا عَقَبَةٌ، وَهَذَا عَقَبَةٌ، وَالسَّهْمُ لَهُمَا، فَلَا بَأْسَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَلَوْ غَزَا عَلَى فَرَسٍ حَبِيسٍ، اسْتَحَقَّ سَهْمَهُ (وَمَنْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ رَاجِلًا، ثُمَّ مَلَكَ فَرَسًا، أَوِ اسْتَعَارَهُ، أَوِ اسْتَأْجَرَهُ، وَشَهِدَ بِهِ الْوَقْعَةَ، فَلَهُ سَهْمُ فَارِسٍ) لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِاسْتِحْقَاقِ سَهْمِ الْفَرَسِ أَنْ يَشْهَدَ به الْوَقْعَةَ، لَا حَالَةَ دُخُولِ دَارِ الْحَرْبِ، وَلِأَنَّ الْفَرَسَ حَيَوَانٌ يُسْهَمُ لَهُ، فَاعْتُبِرَ وُجُودُهُ حَالَةَ الْقِتَالِ كَالْآدَمِيِّ، وَلِقَوْلِ عُمَرَ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مِلْكُ الْفَرَسِ؛ بَلْ يَكْفِي فِي ذَلِكَ مِلْكُ مَنْفَعَتِهَا؛ لِأَنَّ السَّهْمَ لِنَفْعِ الْفَرَسِ لَا لِذَاتِهَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُسْهَمُ لِلضَّعِيفِ وَالزَّمِنِ وَنَحْوِهِ. وَسَهْمُ الْفَرَسِ فِي الْإِجَارَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِنَفْعِهِ اسْتِحْقَاقًا لَازِمًا أَشْبَهَ الْمَالِكَ، وَكَذَا هُوَ لِلْمُسْتَعِيرِ، وَعَنْهُ: هُوَ لِمَالِكِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ نَمَائِهِ أَشْبَهَ وَلَدَهُ فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْمُسْتَعِيرُ مِمَّنْ لَا يُسْهَمُ لَهُ، إِمَّا لِكَوْنِهِ لَا شَيْءَ لَهُ كَالْمُخَذِّلِ أَوْ مِمَّنْ يُرْضَخُ لَهُ كَالصَّبِيِّ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ فَرَسِهِ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ ".

(وَإِنْ دَخَلَ فَارِسًا فَنَفَقَ فَرَسُهُ) أَيْ: مَاتَ، وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ لِغَيْرِهَا. (أَوْ شَرَدَ حَتَّى تَقَضَّى الْحَرْبُ، فَلَهُ سَهْمُ رَاجِلٍ) كَمَا ذَكَرْنَا (وَمَنْ غَصَبَ فَرَسًا فَقَاتَلَ عَلَيْهِ فَسَهْمُ الْفَرَسِ لِمَالِكِهِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>