للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

بُدَّ مِنْهُ) لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ أَنَّهَا قَالَتْ: «السُّنَّةُ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ لَا يَخْرُجُ إِلَّا لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ (لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ) كَالْبَوْلِ، وَالْغَائِطِ إِجْمَاعًا، وَسَنَدُهُ قَوْلُ عَائِشَةَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلَوْ بَطَلَ بِالْخُرُوجِ إِلَيْهِمَا لَمْ يَصِحَّ لِأَحَدٍ اعْتِكَافٌ وَكَنَّى بِهَا عَنْهُمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ يَحْتَاجُ إِلَى فِعْلِهِمَا، وَيُلْحَقُ بِهِمَا قَيْءٌ بَغْتَةً، وَغَسْلُ مُتَنَجِّسٍ يَحْتَاجُهُ، وَلَهُ الْمَشْيُ عَلَى عَادَتِهِ، وَقَصْدُ مَنْزِلِهِ إِنْ لَمْ يَجِدْ مَكَانًا يَلِيقُ بِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ عَلَيْهِ فِيهِ، وَلَا مِنْهُ كَسِقَايَةٍ لَا يَحْتَشِمُ مِثْلُهُ مِنْهَا، وَلَا نَقْصَ عَلَيْهِ، قَالُوا: وَلَا مُخَالَفَةَ لِعَادَتِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ. قَالَ فِي " الْفُرُوعِ " وَيَلْزَمُهُ قَصْدُ أَقْرَبِ مَنْزِلَيْهِ لِدَفْعِ حَاجَتِهِ، وَإِنْ بَذَلَ لَهُ صَدِيقُهُ أَوْ غَيْرُهُ مَنْزِلَهُ الْقَرِيبَ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ لِلْمَشَقَّةِ بِتَرْكِ الْمُرُوءَةِ وَالِاحْتِشَامِ، فَلَوْ بَالَ فِي الْمَسْجِدِ، حَرُمَ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إِنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا» ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِفِعْلِ أَبِي وَائِلٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجُوزَ لِكِبَرٍ وَمَرَضٍ، وَكَذَا يَخْرُجُ لِفَصْدٍ وَحِجَامَةٍ، وَفِيهِمَا احْتِمَالٌ يَجُوزُ فِي إِنَاءٍ كَالْمُسْتَحَاضَةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهَا التَّحَرُّزَ إِلَّا بِتَرْكِ الِاعْتِكَافِ، وَقِيلَ: الْجَوَازُ لِضَرُورَةٍ فَإِنْ بَالَ خَارِجًا، وَجَسَدُهُ فِيهِ لَا ذَكَرُهُ كُرِهَ، وَعَنْهُ: يَحْرُمُ.

تَنْبِيهٌ: الْحَاجَةُ إِلَى الْمَأْكُولِ، وَالْمَشْرُوبِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ يَأْتِيهِ بِهِ فِي مَعْنَى مَا سَبَقَ، نَصَّ عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ خُرُوجُهُ لَهُمَا فِي بَيْتِهِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخَانِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ لِإِبَاحَتِهِ، وَلَا نَقْصَ فِيهِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ: يَتَوَجَّهُ الْجَوَازُ، وَاخْتَارَهُ أَبُو حَكِيمٍ لِمَا فِيهِ تَرْكُ الْمُرُوءَةِ، وَيَسْتَحْيِي أَنْ يَأْكُلَ وَحْدَهُ، وَيُرِيدَ أَنْ يُخْفِيَ جِنْسَ قُوتِهِ، وَجَوَّزَ ابْنُ حَامِدٍ الْيَسِيرَ كَلُقْمَةٍ وَلُقْمَتَيْنِ لَا كُلِّ أَكْلِهِ، وَلَهُ غَسْلُ يَدِهِ فِي إِنَاءٍ مِنْ وَسَخٍ وَزَفَرِ وَنَحْوِهِمَا، (وَالطَّهَارَةُ) كَغُسْلِ جَنَابَةٍ وَوُضُوءٍ لِحَدَثٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقُدِّمَا عَلَى الِاعْتِكَافِ؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>