شَهِدَا عِنْدَكَ بِكَذَا، قَبِلَ شَهَادَتَهُمَا. وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ بِهِ أَحَدٌ، لَكِنْ وَجَدَهُ فِي قِمَطْرِةِ تَحْتَ خَتْمِهِ بِخَطِّهِ فَهَلْ يُنَفِّذُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَكَذَلِكَ الشَّاهِدُ إِذَا رَأَى خَطَّهُ فِي كِتَابٍ بِشَهَادَةٍ وَلَمْ يَذْكُرْهَا، فَهَلْ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِهَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْيَدَيْنِ. (وَكَذَلِكَ إِنْ شَهِدَا أَنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا شَهِدَا عِنْدَكَ بِكَذَا، قَبِلَ شَهَادَتَهُمَا) كَمَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا عَلَى الْحَقِّ نَفْسِهِ. (وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ بِهِ أَحَدٌ، لَكِنْ وَجَدَهُ فِي قِمَطْرِةِ تَحْتَ خَتْمِهِ بِخَطِّهِ) وَتَيَقَّنَهُ، ذَكَرَهُ الِأَصْحَاب وَلَمْ يَذْكُرْهُ. (فَهَلْ يُنَفِّذُهُ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) : إِحْدَاهُمَا: لَا يَعْمَلُ بِهِ، إِلَّا أَنْ يَذْكُرَهُ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي الشَّهَادَةِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ: الْمَذْهَبُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: هُوَ الْأَشْهَرُ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ ; لِأَنَّهُ حُكْمُ حَاكِمٍ لَمْ يَعْلَمْهُ، فَلَمْ يَجُزْ إِنْفَاذُهُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ كَحُكْمِ غَيْرِهِ. وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُزَوِّرَ عَلَيْهِ، وَعَلَى خَطِّهِ وَخَتْمِهِ، وَكَخَطِّ أَبِيهِ بِحُكْمٍ أَوْ شَهَادَةٍ، لَمْ يَشْهَدْ وَلَمْ يَحْكُمْ بِهَا إِجْمَاعًا.
وَالثَّانِيَةُ: يَحْكُمُ بِهِ. اخْتَارَهُ فِي التَّرْغِيبِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَجَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ، وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ.
قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَهَذَا الَّذِي رَأَيْتُهُ عَنْ أَحْمَدَ فِي الشَّاهِدِ ; لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ فِي قِمَطْرِة تَحْتَ خَتْمِهِ لَمْ يَحْتَمِلْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا، إِلَّا احْتِمَالًا بَعِيدًا كَاحْتِمَالِ كَذِبِ الشَّاهِدَيْنِ.
وَالثَّالِثَةُ: يُنَفِّذُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ فِي حِرْزِهِ وَحِفْظِهِ كَقِمَطْرِةِ، أَوْ لَا.
فَإِنْ قُلْتَ: لَوْ وَجَدَ فِي دَفْتَرِ أَبِيهِ حَقًّا عَلَى إِنْسَانٍ، جَازَ أَنْ يَدَّعِيَهُ وَيَحْلِفَ عَلَيْهِ. قُلْنَا: هَذَا يُخَالِفُ الْحُكْمَ وَالشَّهَادَةَ، بِدَلِيلِ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ خَطَّ أَبِيهِ بِشَهَادَةٍ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَحْكُمَ بِهَا وَلَا يَشْهَدَ بِهَا. وَلَوْ وَجَدَ حُكْمَ أَبِيهِ مَكْتُوبًا بِخَطِّهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ إِنْفَاذُهُ، وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ فِيمَا حَكَمَ بِهِ إِلَى نَفْسِهِ، لِأَنَّهُ فَعَلَهُ فَرُوعِيَ ذَلِكَ. وَأَمَّا مَا كَتَبَهُ أَبُوهُ فَلَا يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ فِيهِ إِلَى نَفْسِهِ، فَيَكْفِي فِيهِ الظَّنُّ. (وَكَذَلِكَ الشَّاهِدُ إِذَا رَأَى خَطَّهُ) جَزْمًا (فِي كِتَابٍ بِشَهَادَةٍ وَلَمْ يَذْكُرْهَا، فَهَلْ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِهَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) ، أَيْ: فِيهَا الْخِلَافُ السَّابِقُ. وَعَلَّلَ فِي الشَّرْحِ الْجَوَازَ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا خَطُّهُ. وَفِي الرِّعَايَةِ: لَوْ ضَاعَ أَوِ انْمَحَى لَمْ يَضُرَّهُ، وَلَوْ شَهِدَ بِخِلَافِهِ صَحَّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute