الرُّكُوبَ فَمَشَى، فَفِيهِ الرِّوَايَتَانِ. وَإِنْ نَذَرَ رَقَبَةً، فَهِيَ الَّتِي تُجْزِئُ عَنِ الْوَاجِبِ، إِلَّا أَنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
هَدْيٌ؟ فِيهِ قَوْلَانِ، وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ «أَنَّ أُخْتَ عُقْبَةَ نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ إِلَى الْبَيْتِ، وَأَنَّهَا لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تَرْكَبَ وَتُهْدِيَ هَدْيًا» .
فَرْعٌ: إِذَا عَجَزَ عَنِ الْمَشْيِ بَعْدَ الْحَجِّ كَفَّرَ وَأَجْزَأَهُ، وَإِنْ مَشَى بَعْضَ الطَّرِيقِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ: يَحُجُّ مِنْ قَابِلٍ، وَيَرْكَبُ مَا مَشَى، وَيَمْشِي مَا رَكِبَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُجْزِئَهُ إِلَّا حَجٌّ يَمْشِي فِي جَمِيعِهِ.
أَصْلٌ: يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ بِالْمَشْيِ وَالرُّكُوبِ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ مَوْضِعًا بِعَيْنِهِ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يَمْشِي مِنْ مِيقَاتِهِ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ، قَالَ: وَالْخَبَرُ فِيهِ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَيَلْزَمُهُ الْمَنْذُورُ مِنْهُمَا فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ إِلَى أَنْ يَتَحَلَّلَ، لِأَنَّ ذَلِكَ انْقِضَاءٌ، قَالَ أَحْمَدُ: إِذَا رَمَى الْجَمْرَةَ فَقَدْ فَرَغَ، وَفِي التَّرْغِيبِ: لَا يَرْكَبُ حَتَّى يَأْتِيَ بِالتَّحَلُّلَيْنِ عَلَى الْأَصَحِّ (وَإِنْ نَذَرَ الرُّكُوبَ فَمَشَى، فَفِيهِ الرِّوَايَتَانِ) كَذَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ، لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا نَذَرَ، فَهُوَ بِمَعْنَى الرُّكُوبِ إِذَا نَذَرَ الْمَشْيَ، وَلِأَنَّ الرُّكُوبَ فِي نفسه غير طَاعَةٍ.
إِحْدَاهُمَا: تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ دُونَ الدَّمِ لِمَا ذَكَرْنَا، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُغْنِي.
وَالثَّانِيَةُ: يَلْزَمُهُ دَمٌ، لِأَنَّهُ تَرَفَّهَ بِتَرْكِ الْإِنْفَاقِ، وَفِي الشَّرْحِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ: إِلَّا أَنَّهُ إِذَا مَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ مَعَ إِمْكَانِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ أَكْثَرُ مِنْ كَفَّارَةِ يَمِينٍ.
فَائِدَةٌ: لَمْ يَتَعَرَّضِ الْمُؤَلِّفُ لِمَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إِلَى مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَوِ الْأَقْصَى، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إِتْيَانُهُمَا، وَالصَّلَاةُ فِيهِمَا، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: مُرَادُهُمْ لِغَيْرِ الْمَرْأَةِ، لِأَفْضَلِيَّةِ بَيْتِهَا، وَإِنْ عَيَّنَ مَسْجِدًا غَيْرَ حَرَمٍ لَزِمَهُ عِنْدَ وُصُولِهِ رَكْعَتَيْنِ، ذَكَرَهُ فِي الْوَاضِحِ، وَمَذْهَبُ مَالِكٍ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، مَنْ قَالَ: عَلَيَّ الْمَشْيُ إِلَى الْمَدِينَةِ أَوْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَمْ يَأْتِهِمَا أَصْلًا، إِلَّا أَنْ يُرِيدَ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدَيْهِمَا فَلْيَأْتِهِمَا.
فَرْعٌ: إِذَا أَفْسَدَ الْحَجَّ الْمَنْذُورَ مَاشِيًا، وَجَبَ الْقَضَاءُ مَشْيًا، وَيَمْضِي فِي الْحَجِّ الْفَاسِدِ مَاشِيًا حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُ، وَإِذَا عَيَّنَ لِنَحْرِ الْهَدْيِ مَوْضِعًا مِنَ الْحَرَمِ تَعَيَّنَ، وَكَانَ لِفُقَرَائِهِ مَا لَمْ يَتَضَمَّنْ مَعْصِيَةً، لِلْخَبَرِ، وَإِنْ نَذَرَ سَتْرَ الْبَيْتِ وَتَطْيِيبَهُ لَزِمَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute