يَنْوِيَ رَقَبَةً بِعَيْنِهَا، وَإِنْ نَذَرَ الطَّوَافَ عَلَى أَرْبَعٍ، طَافَ طَوَافَيْنِ، نَصَّ عَلَيْهِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مَسْأَلَةٌ: إِذَا نَذَرَ الْحَجَّ الْعَامَ فَلَمْ يَحُجَّ، ثُمَّ نَذَرَ أُخْرَى فِي الْعَامِ الثَّانِي، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَيَتَوَجَّهُ يَصِحُّ، وَأَنْ يَبْدَأَ بِالثَّانِيَةِ لِفَوْتِهَا، وَيُكَفِّرَ لِتَأْخِيرِ الْأُولَى، وَفِي الْمَعْذُورِ الْخِلَافُ (وَإِنْ نَذَرَ رَقَبَةً فَهِيَ الَّتِي تُجْزِئُ عَنِ الْوَاجِبِ) ذَكَرَهُ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ، لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يُحْمَلُ عَلَى مَعْهُودِ الشَّرْعِ، وَهُوَ الْوَاجِبُ فِي الْكَفَّارَةِ (إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ رَقَبَةً بِعَيْنِهَا) فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهُ، لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يَتَقَيَّدُ بِالنِّيَّةِ كَالْقَرِينَةِ اللَّفْظِيَّةِ، لَكِنْ لَوْ مَاتَ الْمَنْذُورُ، أَوْ أَتْلَفَهُ قَبْلَ عِتْقِهِ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَلَا يَلْزَمُهُ عِتْقٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: بَلْ تُصْرَفُ قِيمَتُهُ فِي الرِّقَابِ، عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ فِي الْوَلَاءِ، إِذِ الْأَصْلُ فِيهِ ذَلِكَ، وَفِي الرِّعَايَةِ: مَنْ عَيَّنَ بِنَذْرِهِ أَوْ نِيَّتِهِ شَيْئًا مِنْ عَدَدِ صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ أَوْ هَدْيِ رِقَابٍ كَفَاهُ مَا عَيَّنَهُ، وَعَنْهُ: يُجْزِئُ بِاللَّفْظِ بِهِ، لَا مَا نَوَاهُ فَقَطْ، وَإِنْ عَيَّنَ الْهَدْيَ بِغَيْرِ حَيَوَانٍ جَازَ، وَيَتَصَدَّقُ بِهِ أَوْ بِثَمَنِهِ عَلَى فُقَرَاءِ الْحَرَمِ، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: فَإِنْ عَيَّنَ الْهَدْيَ بِمَا يُنْقَلُ لَزِمَهُ إِنْفَاذُهُ إِلَى الْحَرَمِ، لِيُفَرَّقَ هُنَاكَ، وَإِلَّا بِيعَ، وَأَنْفَذَ ثَمَنَهُ لِيُفَرَّقَ هُنَاكَ (وَإِنْ نَذَرَ الطَّوَافَ) فَأَقَلُّهُ أُسْبُوعٌ (وَإِنْ نَذَرَهُ عَلَى أَرْبَعٍ طَافَ طَوَافَيْنِ، نَصَّ عَلَيْهِ) جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَوَاهُ سَعِيدٌ، وَلِخَبَرٍ رَوَاهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ حُدَيْجٍ الْكِنْدِيُّ أَنَّهُ «قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَهُ أُمُّهُ كَبْشَةُ بِنْتُ مَعْدِي كَرِبَ عَمَّةُ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، آلَيْتُ أَنْ أَطُوفَ بِالْبَيْتِ حَبْوًا، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: طُوفِي عَلَى رِجْلَيْكِ سَبْعِينَ: سَبْعًا عَنْ يَدَيْكِ، وَسَبْعًا عَنْ رِجْلَيْكِ» . أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لِأَنَّهُ بَدَلٌ وَاجِبٌ، وَلِأَنَّ فِيهِ عَلَى أَرْبَعٍ مِثْلَهُ، وَعَنْهُ: يَطُوفُ عَلَى رِجْلَيْهِ وَاحِدًا، قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ: وَهُوَ الْقِيَاسُ، لِأَنَّ غَيْرَهُ لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ، وَفِي الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ، وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ لُزُومُهَا، وَمِثْلُهُ نَذْرُ السَّعْيِ عَلَى أَرْبَعٍ، ذَكَرَهُ فِي الْمُبْهِجِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْفُرُوعِ، وَفِي الرِّعَايَةِ: يَلْزَمُهُ سَعْيَانِ، وَكَذَا لَوْ نَذَرَ طَاعَةً عَلَى وَجْهٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ، كَنَذْرِهِ صَلَاةً عُرْيَانًا، أَوِ الْحَجَّ حَافِيًا حَاسِرًا، وَفَى بِالطَّاعَةِ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ، وَفِي الْكَفَّارَةِ لِتَرْكِهِ الْمَنْهِيِّ وَجْهَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute