يَقَعْ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ طَلَاقًا، فَيَقَعُ رَجْعِيًّا، وَالْأُخْرَى: يَصِحُّ بِغَيْرِ عِوَضٍ، اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ، وَلَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا، فَإِنْ فَعَلَ، كُرِهَ، وَصَحَّ، وَقَالَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
" الْفُرُوعِ "؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ رُكْنٌ فِيهِ، فَلَمْ يَصِحَّ تَرْكُهُ كَالثَّمَنِ فِي الْمَبِيعِ (فَإِنْ خَالَعَهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ، لَمْ يَقَعْ) ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ إِذَا لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ دَلِيلُهُ لِلْبَيْعِ (إِلَّا أَنْ يَكُونَ طَلَاقًا) دُونَ الثَّلَاثِ (فَيَقَعُ رَجْعِيًّا) ؛ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ لَا عِوَضَ فِيهِ، فَكَانَ رَجْعِيًّا كَغَيْرِهِ؛ وَلِأَنَّهُ يَصِحُّ كِنَايَةً عَنِ الطَّلَاقِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِهِ طَلَاقًا لَمْ يَكُنْ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ إِنْ كَانَ فَسْخًا فَلَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ فَسْخَ النِّكَاحِ إِلَّا لِعَيْبِهَا، وَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ: فَسَخْتُ النِّكَاحَ، وَلَمْ يَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ - لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ، بِخِلَافِ مَا إِذَا دَخَلَهُ الْعِوَضُ، فَإِنَّهُ مُعَاوَضَةٌ، وَلَا يَجْتَمِعُ الْعِوَضُ وَالْمُعَوَّضُ (وَالْأُخْرَى: يَصِحُّ بِغَيْرِ عِوَضٍ، اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ) وَابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ؛ لِأَنَّهُ قَطْعٌ لِلنِّكَاحِ، فَصَحَّ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ كَالطَّلَاقِ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الْخُلْعِ أَنْ يُوجَدَ مِنَ الْمَرْأَةِ رَغْبَةٌ عَنْ زَوْجِهَا، فَإِذَا سَأَلَتْهُ الْفِرَاقَ، فَأَجَابَهَا إِلَيْهِ - حَصَلَ الْمَقْصُودُ مِنَ الْخُلْعِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ بِعِوَضٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا خِلَافَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ الْخُلْعَ مَا كَانَ مِنْ قِبَلِ النِّسَاءِ، فَإِذَا كَانَ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ، فَلَا نِزَاعَ فِي أَنَّهُ طَلَاقٌ، يَمْلِكُ بِهِ الرَّجْعَةَ، وَلَا يَكُونُ فَسْخًا، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ سُؤَالِ الْمَرْأَةِ، أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهَا، وَصَرَّحَ بِهِ فِي " الْكَافِي "، وَالْأَصْفَهَانِيُّ فِي شَرْحِ الْخِرَقِيِّ؛ لِأَنَّ خَالَعَ مِنْ بَابِ الْمُفَاعَلَةِ، وَهِيَ لِلْمُشَارَكَةِ، وَفِي " التَّرْغِيبِ ": أَنَّهَا تَبِينُ بِقَوْلِهِ: فَسَخَتْ، أَوْ خَلَعَتْ إِذَا قُلْنَا: هُوَ فَسْخٌ بِمُجَرَّدِهِ، فَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى سُؤَالٍ، لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْجَمَاعَةُ.
فَرْعٌ: تَبِينُ بِالْخُلْعِ عَلَى كِلْتَا الرِّوَايَتَيْنِ، فَلَا يَمْلِكُ رَجَعَتْهَا إِلَّا بِشَرْطٍ كَالْبَيْعِ.
(وَلَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا) ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَمَرَ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ زَوْجَتِهِ حَدِيقَتَهُ، وَلَا يَزْدَادُ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ؛ وَلِأَنَّهُ بَذْلٌ فِي مُقَابَلَةِ فَسْخٍ، فَلَمْ يَزِدْ عَلَى قَدْرِهِ فِي ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ كَالْإِقَالَةِ (فَإِنْ فَعَلَ، كُرِهَ، وَصَحَّ) فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute