للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبُو بَكْرٍ: لَا يَجُوزُ، وَيَرُدُّ الزِّيَادَةَ، وَإِنْ خَالَعَهَا بِمُحَرَّمٍ كَالْخَمْرِ، وَالْحُرِّ - فَهُوَ كَالْخُلْعِ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى عَبْدٍ، فَبَانَ حُرًّا أَوْ مُسْتَحَقًّا - فَلَهُ قِيمَتُهُ عَلَيْهَا، فَإِنْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ أَنَّهُمَا قَالَا: لَوِ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِمِيرَاثِهَا وَعِقَاصِ رَأْسِهَا كَانَ جَائِزًا.

وَدَلِيلُ الْكَرَاهَةِ: قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ بِإِسْنَادِهِ «أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الْمُخْتَلِعَةِ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا» وَفِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنَ الْكَرَاهَةِ عَدَمُ الِاسْتِحْبَابِ، وَفِيهِ شَيْءٌ، وَأَمَّا الصِّحَّةُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: ٢٢٩] ؛ وَلِأَنَّهُ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، قَالَتْ الرُّبَيِّعُ بِنْتُ مُعَوِّذٍ: اخْتَلَعْتُ مِنْ زَوْجِي بِمَا دُونَ عِقَاصِ رَأْسِي، فَأَجَازَ ذَلِكَ عَلِيٌّ، وَاشْتُهِرَ، وَلَمْ يُنْكَرْ، فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَجُوزُ) هُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ؛ وَلِأَمْرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ثَابِتًا أَنْ لَا يَزْدَادَ، وَأَمْرُهُ لِلْوُجُوبِ (وَيَرُدُّ الزِّيَادَةَ) ؛ لِعَدَمِ جَوَازِهَا (وَإِنْ خَالَعَهَا بِمُحَرَّمٍ) يَعْلَمَانِهِ (كَالْخَمْرِ، وَالْحُرِّ - فَهُوَ كَالْخُلْعِ بِغَيْرِ عِوَضٍ) فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ عَلَى ذَلِكَ مَعَ الْعِلْمِ بِتَحْرِيمِهِ يَدُلُّ عَلَى رِضَا فَاعِلِهِ بِغَيْرِ شَيْءٍ لَا يُقَالُ: هَلَّا يَصِحُّ الْخُلْعَ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ لِزَوْجِهَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ خُرُوجَ الْبُضْعِ مِنْ مِلْكِ الزَّوْجِ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ، فَإِذَا رَضِيَ بِغَيْرِ عِوَضٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ، كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا، أَوْ عَلَّقَهُ عَلَى فِعْلٍ فَعَلَتْهُ، وَفَارَقَ النِّكَاحَ، فَإِنَّ وُصُولَ الْبُضْعِ فِي مِلْكِ الزَّوْجِ مُتَقَوِّمٌ، وَقَدَّمَ فِي " الرِّعَايَةِ " أَنَّهُ إِذَا خَالَعَهَا بِمُحَرَّمٍ يَعْلَمَانِهِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ مَجَّانًا، وَاقْتَضَى أَنَّهُمَا إِذَا لَمْ يَعْلَمَا الْمُحَرَّمَ أَنَّ لَهُ قِيمَتَهُ، كَمَا ذَكَرَهُ فِي " الرَّوْضَةِ " وَغَيْرِهَا.

فَرْعٌ: إِذَا تَخَالَعَ كَافِرَانِ بِمُحَرَّمٍ يَعْلَمَانِهِ، ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا قَبْلَ قَبْضِهِ لَغَا، وَقِيلَ: لَهُ قِيمَتُهُ، وَقِيلَ مَهْرُ مِثْلِهَا. (وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى عَبْدٍ، فَبَانَ حُرًّا أَوْ مُسْتَحَقًّا - فَلَهُ قِيمَتُهُ عَلَيْهَا) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَيْنٌ يَجِبُ تَسْلِيمُهَا مَعَ سَلَامَتِهَا، فَوَجَبَ بَدَلُهَا مَعَ تَعَذُّرِهَا كَالْمَغْصُوبِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا سَبَقَ؛ لِأَنَّهُ هُنَا لَمْ يَرْضَ بِغَيْرِ عِوَضٍ مُتَقَوِّمٍ، فَيَرْجِعُ بِحُكْمِ الْغُرُورِ، وَيَجِبُ مِثْلُهُ إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا، فَلَوْ خَالَعَهَا عَلَى دِنِّ خَلٍّ، فَبَانَ خَمْرًا - رَجَعَ عَلَيْهَا بِمِثْلِهِ خَلًّا؛ لِأَنَّ الْخَلَّ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ، وَقِيلَ: تَرْجِعُ بِقِيمَةِ مِثْلِهِ خَلًّا؛ لِأَنَّ الْخَمْرَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>