وَإِنِ اتَّفَقَا وَعَظَهُمَا وَخَوَّفَهُمَا، فَإِنْ ثَبَتَا حَكَمَ بِهَا إِذَا سَأَلَهُ الْمُدَّعِي. وَإِنْ جَرَحَهُمَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ، كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ بِالْجَرْحِ. وَإِنْ سَأَلَ الْإِنْظَارَ، أُنْظِرَ ثَلَاثًا. وَلِلْمُدَّعِي
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْكَافِي وَالْوَجِيزِ، وَعِبَارَةُ السَّامَرِيِّ وَابْنِ حَمْدَانَ كَالَّتِي قَبْلَهَا. (وَيَسْأَلُ كُلَّ وَاحِدٍ: كَيْفَ تَحَمَّلْتَ الشَّهَادَةَ؛ وَمَتَى؛ وَفِي أَيِّ مَوْضِعٍ؛ وَهَلْ كُنْتَ وَحْدَكَ؛ أَوْ أَنْتَ وَصَاحِبَكَ؟) .
لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ سَبْعَةً خَرَجُوا، فَفُقِدَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، فَأَتَتْ زَوْجَتُهُ عَلِيًّا، فَدَعَا السِّتَّةَ، فَسَأَلَ وَاحِدًا مِنْهُمْ فَأَنْكَرَ، فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ. فَظَنَّ الْبَاقُونَ أَنَّهُ قَدِ اعْتَرَفَ، فَاسْتَدْعَاهُمْ فَاعْتَرَفُوا، فَقَالَ لِلْأَوَّلِ: قَدْ شَهِدُوا عَلَيْكَ. فَاعْتَرَفَ، فَقَتَلَهُمْ. (فَإِنِ اخْتَلَفَا لَمْ يَقْبَلْهُمَا) ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ، لِأَنَّهُ ظَهَرَ لَهُ مَا يَمْنَعُ قَبُولَهَا.
وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: يُوقَفُ عَنْ قَبُولِهَا. قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ. وَفِي الشَّرْحِ: سَقَطَتْ شَهَادَتُهُمَا. (وَإِنِ اتَّفَقَا وَعَظَهُمَا وَخَوَّفَهُمَا) لِأَنَّ ذَلِكَ سَبَبٌ لِتَوَقُّفِهِمَا بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِمَا شَاهِدَيْ زُورٍ. (فَإِنْ ثَبَتَا) عَلَى قَوْلِهِمَا. (حَكَمَ بِهَا إِذَا سَأَلَهُ الْمُدَّعِي) لِأَنَّ الشَّرْطَ ثَبَاتُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى شَهَادَتِهِمَا إِلَى حِينِ الْحُكْمِ، وَطَلَبُ الْمُدَّعِي الْحُكْمَ، وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ كُلُّهُ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ لِلْمُنْكِرِ: قَدْ قَبِلْتُهُمَا، فَإِنْ جَرَحْتَهُمَا، وَإِلَّا حَكَمْتُ عَلَيْكَ. ذَكَرَهُ السَّامَرِيُّ. (وَإِنْ جَرَحَهُمَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ بِالْجَرْحِ) لِيَتَحَقَّقَ صِدْقُهُ أَوْ كَذِبُهُ. (وَإِنْ سَأَلَ الْإِنْظَارَ، أُنْظِرَ ثَلَاثًا) ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْوَجِيزِ، وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ ; لِأَنَّ تَكْلِيفَهُ إِقَامَتَهَا فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ يَشُقُّ وَيَعْسُرُ. فَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّهُمَا شَهِدَا عِنْدَ قَاضٍ بِذَلِكَ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُمَا لِفِسْقِهِمَا، بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمَا ; لِأَنَّ الشَّهَادَةَ إِذَا رُدَّتْ لِفِسْقٍ لَمْ تُقْبَلْ مَرَّةً ثَانِيَةً.
فَرْعٌ: لَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُرَتِّبَ شُهُودًا لَا يَقْبَلُ غَيْرَهُمْ، لَكِنْ لَهُ أَنْ يُرَتِّبَ شُهُودًا يُشْهِدُهُمُ النَّاسُ، فَيَسْتَغْنُونَ بِإِشْهَادِهِمْ عَنْ تَعْدِيلِهِمْ، وَيَكْتَفِي عَنِ الْكَشْفِ عَنْ أَحْوَالِهِمْ.
قَالَ أَحْمَدُ: يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ عَنْ شُهُودِهِ كُلَّ قَلِيلٍ. وَهَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ أَوْ وَاجِبٌ؛ فِيهِ وَجْهَانِ. (وَلِلْمُدَّعِي مُلَازِمَتُهُ) لِأَنَّ حَقَّهُ قَدْ تُوَجِّهَ، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَدَّعِي مَا يُسْقِطُهُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute