للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُقْبَلُ شَهَادَةُ كُلِّ مُسْلِمٍ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ رِيبَةٌ. اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ. وَإِذَا عَلِمَ الْحَاكِمُ عَدَالَتَهُمَا عَمِلَ بِعِلْمِهِ وَحَكَمَ بِشَهَادَتِهِمَا، إِلَّا أَنْ يَرْتَابَ بِهِمَا، فَيُفَرِّقُهُمَا. فَإِنِ اخْتَلَفَا لَمْ يَقْبَلْهُمَا،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

بِتَعْدِيلِهِ قَبِلَهُ مِنِ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ. قَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ، وَرَجَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَيَشْهَدَانِ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ.

وَقِيلَ: لَا يُقْبَلُ إِلَّا شَهَادَةُ الْمَسْؤُولِينَ ; لِأَنَّهُمْ شُهُودُ أَصْلٍ. فَإِنْ قَالَا: نَشْهَدُ أَنَّهُ عَدْلٌ. وَلَمْ يُبَيِّنَا سَبَبَهُ، فَوَجْهَانِ. (وَعَنْهُ: تُقْبَلُ شَهَادَةُ كُلِّ مُسْلِمٍ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ رِيبَةٌ) وَهي قَوْلُ الْحَسَنِ. (اخْتَارَها الْخِرَقِيُّ) وَأَبُو بَكْرٍ وَصَاحِبُ الرَّوْضَةِ لِقَبُولِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَهَادَةَ الْأَعْرَابِيِّ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ. وَلِقَوْلِ عُمَرَ: الْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ. وَلِأَنَّ الْعَدَالَةَ أَمْرٌ خَفِيٌّ سَبَبُهَا الْخَوْفُ مِنَ اللَّهِ - تَعَالَى - وَدَلِيلُ ذَلِكَ الْإِسْلَامُ. فَإِذَا وُجِدَ فَلْيَكْتَفِ بِهِ، مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ. فَعَلَى هَذِهِ، (إِنْ جَهِلَ إِسْلَامَهُ رَجَعَ إِلَى أقواله) لِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا صَارَ مُسْلِمًا بِالِاعْتِرَافِ. وَلَا يَكْفِي ظَاهِرُ الدَّارِ، ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ. وَفِي جَهْلِ حُرِّيَّتِهِ الْمُعْتَبَرَةِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ، جَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ.

وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: إِنْ مَنَعُوا عَدَالَةَ الْعَبْدِ فَيُمْنَعُ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ» . وَهُمْ مِنْ حُمَّالِ الْعِلْمِ وَالْحَدِيثِ وَالْفَتْوَى، فَهُمْ عُدُولٌ لِقَوْلِ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (وَالْعَمَلُ عَلَى الْأَوَّلِ) .

وَقَوْلُهُمْ: إِنَّ ظَاهِرَ الْمُسْلِمِ الْعَدَالَةُ، مَمْنُوعٌ، بَلِ الظَّاهِرُ عَكْسُ ذَلِكَ، وَقَوْلُ عُمَرَ مُعَارَضٌ بِمَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ أُتِيَ بِشَاهِدَيْنِ، فَقَالَ لَهُمَا: لَسْتُ أَعْرِفُكُمَا، وَلَا يَضُرُّكُمَا إِنْ لَمْ أَعْرِفْكُمَا. وَلِأَنَّ الْأَعْرَابِيَّ قَدْ صَارَ صَحَابِيًّا وَهُمْ عُدُولٌ كُلُّهُمْ. (وَإِذَا عَلِمَ الْحَاكِمُ عَدَالَتَهُمَا عَمِلَ بِعِلْمِهِ) فِي عَدَالَةِ الْبَيِّنَةِ ; لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكْتَفِ بِذَلِكَ لَتَسَلْسَلَ، لِأَنَّ الْمُزَكِّيَ يَحْتَاجُ إِلَى عَدَالَتِهِمَا، فَإِذَا لَمْ يَعْمَلْ بِعِلْمِهِ احْتَاجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُزَكِّينَ، ثُمَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِمَّنْ يُزَكِّيهِمَا إِلَى مُزَكِّينَ إِلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ، وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ. (وَحَكَمَ بِشَهَادَتِهِمَا) لِأَنَّ شُرُوطَ الْحُكْمِ قَدْ وُجِدَتْ. (إِلَّا أَنْ يَرْتَابَ بِهِمَا) فَإِنَّهُ يَلْزَمُ سُؤَالُهُمَا، وَالْبَحْثُ عَنْ صِفَةِ تَحَمُّلِهِمَا وَغَيْرِهِ. (فَيُفَرِّقُهُمَا) اسْتِحْبَابًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>