وَيُسْتَحَبُّ صَرْفُهَا إِلَى أَقَارِبِهِ الَّذِينَ لَا تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُمْ، وَيُفَرِّقُهَا فِيهِمْ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِمْ، وَيَجُوزُ دَفْعُ زَكَاتِهِ إِلَى مُكَاتَبِهِ وَإِلَى غَرِيمِهِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَعَلَى هَذَا إِنْ دَفَعَ إِلَى اثْنَيْنِ ضَمِنَ نَصِيبَ الثَّالِثِ، وَهَلْ يَضْمَنُهُ بِالثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ الْقَدْرُ الْمُسْتَحَبُّ أَوْ بِأَقَلِّ جُزْءٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُجْزِئُ، فِيهِ وَجْهَانِ، كَالْأُضْحِيَّةِ إِذَا أَكَلَهَا، وَعَنْهُ: يُجْزِئُ وَاحِدٌ، اخْتَارَهُ فِي " الِانْتِصَارِ "، وَصَاحِبُ " الْمُحَرَّرِ "؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ الِاسْتِغْرَاقُ حُمِلَ عَلَى الْجِنْسِ، كَقَوْلِهِ: لَا تَزَوَّجْتُ النِّسَاءَ (إِلَّا الْعَامِلُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا) وِفَاقًا، مَعَ أَنَّهُ ذُكِرَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ؛ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ أُجْرَةً، وَيَسْقُطُ سَهْمُهُ إِنْ فَرَّقَهَا رَبُّ الْمَالِ بِنَفْسِهِ، فَتَبْقَى سَبْعَةٌ.
فَرْعٌ: مَنْ كَانَ فِيهِ سَبَبَانِ أُخِذَ بِهِمَا عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ كَالْمِيرَاثِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى بِأَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ لِاخْتِلَافِ أَحْكَامِهِمَا فِي الِاسْتِقْرَارِ، وَإِنْ أُعْطِيَ بِهِمَا، وَعُيِّنَ لِكُلِّ سَبَبٍ قَدْرٌ، وَإِلَّا كَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُ لَوْ وُجِدَ مَا يُوجِبُ الرَّدَّ.
(وَيُسْتَحَبُّ) لِلْمَالِكِ (صَرْفُهَا إِلَى أَقَارِبِهِ الَّذِينَ لَا تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُمْ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «صَدَقَتُكَ عَلَى ذِي الْقَرَابَةِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَلِأَنَّهُ لَا يَرِثُهُ بِفَرْضٍ أَوْ تَعْصِيبٍ، وَلَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، وَإِذَا أَحْضَرَ رَبُّ الْمَالِ إِلَى الْعَامِلِ مِنْ أَهْلِهِ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لِيَدْفَعَ إِلَيْهِمْ زَكَاتَهُ، دَفَعَهَا قَبْلَ خَلْطِهَا بِغَيْرِهَا، وَبَعْدَهُ هُمْ كَغَيْرِهِمْ، وَلَا يُخْرِجُهُمْ مِنْهَا؛ لِأَنَّ فِيهَا مَا هُمْ بِهِ أَخَصُّ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، (وَيُفَرِّقُهَا فِيهِمْ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِمْ) ؛ لِأَنَّهَا مُرَاعَاةٌ، وَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ وَالْأَحْوَجُ، فَإِنْ كَانَ الْأَجْنَبِيُّ أَحْوَجَ، أُعْطِيَ الْكُلَّ، وَلَمْ يُحَابَ بِهَا قَرِيبُهُ، وَالْجَارُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ، وَالْقَرِيبُ أَوْلَى مِنْهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَالْعَالِمُ وَالدَّيِّنُ يُقَدَّمَانِ عَلَى ضِدِّهِمَا.
(وَيَجُوزُ للسيد دَفْعُ زَكَاتِهِ إِلَى مُكَاتَبِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَعَهُ كَالْأَجْنَبِيِّ مِنْ حِرْمَانِ أَكْثَرِ مَا بَيْنَهُمَا، وَلِأَنَّ الدَّفْعَ تَمْلِيكٌ؛ وَهُوَ مِنْ أَهْلِهِ، فَإِذَا رَدَّهُ إِلَى سَيِّدِهِ بِحَكَمِ الْوَفَاءِ جَازَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute