تَكُنْ بَيِّنَةٌ، وَلَوْ تَنَازَعَا دَابَّةً، أَحَدُهُمَا رَاكِبُهَا أَوْ لَهُ عَلَيْهَا حِمْلٌ، والآخر أخذ بزمامها، فهي للأول، وإن تنازعا قميصا أحدهما لابسه وَالْآخَرُ أخذ بِكُمِّهِ، فَهُوَ لِلَابِسِهِ.
وَإِنْ تَنَازَعَ صَاحِبُ الدَّارِ وَالْخَيَّاطُ الْإِبْرَةَ وَالْمِقَصَّ فَهُمَا لِلْخَيَّاطِ، وَإِنْ تَنَازَعَ هُوَ وَالْقَرَّابُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَلِقَوْلِهِ فِي قَضِيَّةٍ الْحَضْرَمِيِّ وَالْكِنْدِيِّ: «شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ، لَيْسَ لَكَ مِنْهُ إِلَّا ذَلِكَ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ لِأَنَّ الْيَدَ دَلِيلُ الْمِلْكِ ظَاهِرًا، أَوْ لِأَنَّ مَنْ لَيْسَتْ لَهُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لَهُ، فَشُرِعَتِ الْيَمِينُ فِي حَقِّ صَاحِبِهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ.
وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ إِذَا كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ تُظْهِرُ الْحَقَّ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ مَعَهَا، لَكِنْ لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ بِذَلِكَ كَثُبُوتِهِ بِالْبَيِّنَةِ، فَلَا شُفْعَةَ لَهُ بِمُجَرَّدِ الْيَدِ، وَلَا عَاقِلَةَ صَاحِبِ الْحَائِطِ بِمُجَرَّدِ الْيَدِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ لَا تَثْبُتُ فِيهِ الْحُقُوقُ وَإِنَّمَا تُرَجَّحُ بِهِ الدَّعْوَى، وَفِي الرَّوْضَةِ: أَنَّ الْيَدَ دَلِيلُ الْمِلْكِ، وَفِي التَّمْهِيدِ: بِبَيِّنَةٍ (وَلَوْ تَنَازَعَا دَابَّةً أَحَدُهُمَا رَاكِبُهَا أَوْ لَهُ عَلَيْهَا حِمْلٌ) الْحِمْلُ: بِالْكَسْرِ، مَا عَلَى رَأْسٍ وَظَهْرٍ، وَبِالْفَتْحِ: مَا فِي بَطْنِ الْحُبْلَى، وَفِي حَمْلِ الشَّجَرَةِ بِهِمَا (وَالْآخَرُ أخذ بِزِمَامِهَا) وَقِيلَ: غَيْرُ مَكَّارٍ (فَهِيَ لِلْأَوَّلِ) لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ أَقْوَى، وَيَدَهُ آكَدُ، لِأَنَّهُ الْمُسْتَوْفِي لِلْمَنْفَعَةِ، فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهَا حِمْلٌ، وَالْآخَرُ رَاكِبُهَا فَهِيَ لِلرَّاكِبِ، فَإِنِ ادَّعَيَا الْحِمْلَ فَهُوَ لِلرَّاكِبِ؛ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَى الدَّابَّةِ وَالْحِمْلِ مَعًا، أَشْبَهَ مَا لَوِ اخْتَلَفَ السَّاكِنُ وَمَالِكُ الدَّارِ فِي قُمَاشٍ فِيهَا، بِخِلَافِ السَّرْجِ فَإِنَّهُ فِي الْعَادَةِ لِصَاحِبِ الْفَرَسِ (وَإِنْ تَنَازَعَا قَمِيصًا، أَحَدُهُمَا لَابِسُهُ وَالْآخَرُ أخذ بِكُمِّهِ، فَهُوَ لِلَابِسِهِ) لِأَنَّهُ أَحْسَنُ حَالًا مِنَ الرَّاكِبِ مَعَ الْأَخْذِ بِالزِّمَامِ، فَالرَّاكِبُ أَوْلَى، فَكَذَا مَا هُوَ أَحْسَنُ حَالًا مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ كُمُّهُ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا وَبَاقِيهِ مَعَ الْآخَرِ، أَوْ تَنَازَعَا عِمَامَةً طَرَفَهَا فِي يَدِ أَحَدِهِمَا وَبَاقِيَهَا بِيَدِ الْآخَرِ، تَحَالَفَا وَهِيَ بَيْنَهُمَا، فَيَمِينُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى النِّصْفِ الَّذِي أَخَذَهُ.
وَعَنْهُ: يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، فَمَنْ قَرَعَ حَلَفَ وَأَخَذَهَا، إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ وَاحِدٌ نِصْفَهَا فَأَقَلَّ، وَالْآخَرُ كُلَّهَا أَوْ أَكْثَرَ مِمَّا بَقِيَ، فَيَصْدُقُ مُدَّعِي الْأَقَلِّ بِيَمِينِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ جَمْعٌ: يَتَحَالَفَانِ، (وَإِنْ تَنَازَعَ صَاحِبُ الدَّارِ وَالْخَيَّاطُ الْإِبْرَةَ وَالْمِقَصَّ) بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَتُسَمَّى كُلُّ فَرْدَةٍ مِقَصًّا (فَهُمَا لِلْخَيَّاطِ) لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْخَيَّاطِ فِي ذَلِكَ أَظْهَرُ، وَالظَّاهِرُ مَعَهُ فَكَانَ أَقْوَى، وَإِنْ نَازَعَهُ الْخَيَّاطُ فِي قَمِيصٍ يَخِيطُهُ فِيهَا، أَوِ النَّجَّارُ فِي خَشَبٍ يَنْجُرُهُ فِيهَا، أَوْ فِي فَرْشٍ وَقُطْنٍ وَصُوفٍ، فَهُوَ لِصَاحِبِ الدَّارِ عَمَلًا بِالْعَادَةِ (وَإِنْ تَنَازَعَ هُوَ وَالْقَرَّابُ الْقِرْبَةَ فَهِيَ لِلْقَرَّابِ) لِمَا ذَكَرْنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute