الْقِرْبَةَ فَهِيَ لِلْقَرَّابِ، وَإِنْ تَنَازَعَا عَرْصَةً فِيهَا شَجَرٌ، أَوْ بِنَاءً لِأَحَدِهِمَا فَهِيَ لَهُ، وَإِنْ تَنَازَعَا حَائِطًا مَعْقُودًا بِبِنَاءِ أَحَدِهِمَا وَحْدَهُ، أَوْ مُتَّصِلًا بِهِ لَا يُمْكِنُ إِحْدَاثُهُ، أَوْ لَهُ عَلَيْهِ أَزْجٌ فَهُوَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ مَحْلُولًا مِنْ بِنَائِهِمَا، أَوْ مَعْقُودًا بِهِمَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا، وَلَا تُرَجَّحُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بِخِلَافِ الْخَابِيَةِ وَالْجَرَّارِ فَإِنَّهُمَا لِصَاحِبِ الدَّارِ (وَإِنْ تَنَازَعَا عَرْصَةً فِيهَا شَجَرٌ أَوْ بِنَاءً لِأَحَدِهِمَا فَهِيَ لَهُ) لِأَنَّ ذَلِكَ دَلِيلُ الْمِلْكِ ظَاهِرًا، وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: إِنْ ثَبَتَا بِالِاقْتِدَارِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا (وَإِنْ تَنَازَعَا حَائِطًا مَعْقُودًا بِبِنَاءِ أَحَدِهِمَا وَحْدَهُ، أَوْ مُتَّصِلًا بِهِ لَا يُمْكِنُ إِحْدَاثُهُ، أَوْ لَهُ عَلَيْهِ أَزْجٌ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ ضَرْبٌ مِنَ الْأَبْنِيَةِ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنَجَّا: هُوَ الْقَبْوُ (فَهُوَ لَهُ) لِأَنَّ ذَلِكَ يُرَجِّحُ قَوْلَ مُدَّعِيهِ، فَكَانَ لَهُ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ، وَيَحْلِفُ لِخَصْمِهِ.
وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ إِذَا أَمْكَنَ إِحْدَاثُهُ لَمْ يُرَجَّحْ بِذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ فَعَلَ ذَلِكَ لِيَتَمَلَّكَ الْحَائِطَ الْمُشْتَرَكَ. ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ: أَنَّهُ يَتَرَجَّحُ بِهَذَا الِاتِّصَالِ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ (وَإِنْ كَانَ مَحْلُولًا مِنْ بِنَائِهِمَا، أَوْ مَعْقُودًا بِهِمَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا) لِأَنَّهُ لَا تَرْجِيحَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، وَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ أَنَّ نِصْفَ الْحَائِطِ لَهُ، وَإِنْ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى جَمِيعِهِ أَنَّهُ لَهُ وَمَا هُوَ لِصَاحِبِهِ جَازَ، وَإِنْ نَكَلَا عَنِ الْيَمِينِ كَانَ الْحَائِطُ فِي أَيْدِيهِمَا عَلَى مَا كَانَ، وَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا قضى عَلَيْهِ وَكَانَ الْكُلُّ لِلْآخَرِ، فَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً تَعَارَضَتَا وَصَارَا كَمَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا (وَلَا تُرَجَّحُ الدَّعْوَى بِوَضْعِ خَشَبِ أَحَدِهِمَا عَلَيْهِ) قَالَهُ الْأَصْحَابُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَسْمَحُ بِهِ الْجَارُ، وَهُوَ عِنْدَنَا حَقٌّ يَجِبُ التَّمْكِينُ مِنْهُ، أَشْبَهَ إِسْنَادَ مَتَاعِهِ إِلَيْهِ وَتَزْوِيقِهِ.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُرَجَّحَ بِهِ الدَّعْوَى، وَرَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ كَالْبَانِي عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ كَوْنَهُ مُسْتَحِقًّا تَشْتَرِطُ لَهُ الْحَاجَةُ إِلَى وَضْعِهِ، وَأَكْثَرُ النَّاسِ لَا يَتَسَامَحُونَ بِهِ، وَلِأَنَّ الْحَائِطَ يُبْنَى لِذَلِكَ، فَتَرَجَّحَ بِهِ كَالْأَزْجِ.
وَالظَّاهِرُ: أَنَّهَا لَا تُرَجَّحُ، بِخِلَافِ الْجِذْعَيْنِ وَنَحْوِهِمَا؛ لِأَنَّ الْحَائِطَ يُبْنَى لَهُمَا (وَلَا بِوُجُوهِ الْآجُرِّ وَالتَّزْوِيقِ وَالتَّجْصِيصِ) وَالتَّحْسِينِ، وَلَا يَكُونُ لِأَحَدِهِمَا لَهُ عَلَى الْآخَرِ سُتْرَةٌ غَيْرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute