للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقْفُ الْحُلِيِّ عَلَى اللُّبْسِ وَالْعَارِيَةِ، وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ. وَلَا يَصِحُّ الْوَقْفُ فِي الذِّمَّةِ كَعَبْدٍ وَدَارٍ، وَلَا غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَأَحَدِ هَذَيْنِ، وَلَا وَقْفُ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْكَلْبِ وَلَا مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ مَعَ بَقَائِهِ دَائِمًا كالأثمان والمطعوم والرياحين.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

بَقِيَّتَهُ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ، فَإِنْ أَعْتَقَ مَا وَقَفَهُ مِنْهُ، أَوْ أَعْتَقَهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ، وَلَمْ يَسِرْ، وَإِنْ أَعْتَقَ الْوَاقِفُ بَقِيَّتَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ شَرِيكُهُ فِيهِ عُتِقَ بَقِيَّتُهُ، وَلَمْ يَسِرْ إِلَى الْمَوْقُوفِ، وَإِنْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ ثُمَّ وَقَفَهُ قَبْلَهَا صَحَّ وَقْفُهُ.

(وَيَصِحُّ وَقْفُ الْحُلِيِّ عَلَى اللُّبْسِ وَالْعَارِيَةِ) ؛ لِمَا رَوَى نَافِعٌ أَنَّ حَفْصَةَ ابْتَاعَتْ حُلِيًّا بِعِشْرِينَ أَلْفًا حَبْسَتْهُ عَلَى نِسَاءِ آلِ الْخَطَّابِ فَكَانَتْ لَا تُخْرِجُ زَكَاتَهُ، رَوَاهُ الْخَلَّالُ؛ وَلِوُجُودِ الضَّابِطِ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ نَفْعًا مُبَاحًا مَقْصُودًا، فَجَازَ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ، وَصَحَّ وَقْفُهُ كَوَقْفِ السِّلَاحِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ (وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ) ، نَقَلَهَا الْأَثْرَمُ، وَحَنْبَلٌ، قَالَ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ ": وَأَنْكَرَ حَدِيثَ حَفْصَةَ؛ لِأَنَّ التَّحَلِّيَ لَيْسَ هُوَ الْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ مِنَ الْأَثْمَانِ، فَلَمْ يَصِحَّ وَقْفُهَا كَالدَّنَانِيرِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْفَسَادَ فِيهَا عَدَمُ الِانْتِفَاعِ بِعَيْنِهَا، وَهَذَا فِي الْحُلِيِّ مَعْدُومٌ. قَالَ فِي " التَّلْخِيصِ ": وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى رِوَايَةِ مَنْعِ وَقْفِ الْمَنْقُولِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي " تَعْلِيقِهِ " رِوَايَةَ الْأَثْرَمِ وَحَنْبَلٍ، وَلَفْظُهَا: لَا أَعْرِفُ الْوَقْفَ فِي الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الرِّوَايَةِ غَيْرُ هَذَا فَفِي أَخْذِ الْمَنْعِ مِنْهُ نَظَرٌ، قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ.

(وَلَا يَصِحُّ الْوَقْفُ فِي الذِّمَّةِ كَعَبْدٍ وَدَارٍ) ؛ لِأَنَّهُ نَقْلُ مِلْكٍ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ، فَلَمْ يَصِحَّ فِي غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْهِبَةِ (وَلَا) وَقْفٍ (غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَأَحَدِ هَذَيْنِ) الْعَبْدَيْنِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا، وَفِيهِ احْتِمَالٌ فِي الْعِتْقِ، فَيَخْرُجُ الْمُبْهَمُ مِنْهُمَا بِالْقُرْعَةِ، (وَلَا وَقَفُ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ كَأُمِّ الْوَلَدِ) ؛ لِأَنَّهُ نَقْلٌ لِلْمِلْكِ فِيهَا فِي الْحَيَاةِ، فَلَمْ يَجُزْ كَالْبَيْعِ، وَفِيهِ وَجْهٌ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ حَمْدَانَ إِنْ صَحَّ بَيْعُهَا (وَالْكَلْبُ) ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ تَحْبِيسُ الْأَصْلِ وَتَسْبِيلُ الْمَنْفَعَةِ، وَالْكَلْبُ أُبِيحَ الِانْتِفَاعُ بِهِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ؛ لِلضَّرُورَةِ، فَلَمْ يَجُزِ التَّوَسُّعُ فِيهَا، وَكَذَا لَا يَصِحُّ وَقْفُ الْحَمْلِ مُنْفَرِدًا (وَلَا) يَصِحُّ وَقْفُ (مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ مَعَ بَقَائِهِ دَائِمًا، كَالْأَثْمَانِ) وَهِيَ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ، (وَالْمَطْعُومُ، وَالرَّيَاحِينُ) فِي قَوْلِ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ إِلَّا بِالْإِتْلَافِ لَا يَصِحُّ وَقْفُهُ كَالشَّمْعِ لِيُشْعِلَهُ، وَقِيلَ: يَصِحُّ فِي الْأَثْمَانِ بِنَاءً عَلَى إِجَارَتِهَا، وَرُدَّ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْمَنْفَعَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>