فِي التَّدَيُّنِ بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، كَالسَّامِرَةِ وَالْفِرِنْجِ وَمَنْ لَهُ شُبْهَةُ كِتَابٍ كَالْمَجُوسِ. وَعَنْهُ: يَجُوزُ عَقْدُهَا لِجَمِيعِ الْكُفَّارِ إِلَّا عَبْدَةَ الْأَوْثَانِ مِنَ الْعَرَبِ. فَأَمَّا الصَّابِئُ، فَيُنْظَرُ فِيهِ؛
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَصِفَةُ عَقْدِهَا: أَقْرَرْتُكُمْ بِجِزْيَةٍ، أَوْ يَبْذُلُونَهَا؛ فَيَقُولُ: أَقْرَرْتُكُمْ عَلَى ذَلِكَ.
وَالْجِزْيَةُ: مَالٌ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ عَلَى وَجْهِ الصَّغَارِ كُلَّ عَامٍ بَدَلًا عَنْ قَتْلِهِمْ وَإِقَامَتِهِمْ بِدَارِنَا (لِأَهْلِ الْكِتَابِ وَهُمُ الْيَهُودُ) وَاحِدُهُمْ يَهُودِيٌّ حَذَفُوا يَاءَ النِّسْبَةِ فِي الْجَمْعِ كَزِنْجٍ، وَزِنْجِيٍّ. وَفِي تَسْمِيَتِهِمْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ هَادُوا عَنْ عِبَادَةِ الْعِجْلِ أَيْ: تَابُوا، أَوْ لِأَنَّهُمْ مَالُوا عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ، أَوْ أَنَّهُمْ يَهُودُونَ عِنْدَ قِرَاءَةِ التَّوْرَاةِ، أَيْ: يَتَحَرَّكُونَ أَوْ لِنَسَبِهِمْ إِلَى يَهُوذَا بْنِ يَعْقُوبَ بِالْمُعْجَمَةِ، ثُمَّ عُرِّبَتْ بِالْمُهْمَلَةِ. (وَالنَّصَارَى) وَاحِدُهُمْ نَصْرَانِيٌّ، وَالْأُنْثَى نَصْرَانِيَّةٌ نِسْبَةً إِلَى قَرْيَةٍ بِالشَّامِ يُقَالُ لَهَا: نَصْرَانُ، وَنَاصِرَةٌ (وَمَنْ يُوَافِقُهُمْ فِي التَّدَيُّنِ بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ كَالسَّامِرَةِ) وَهِيَ قَبِيلَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ نُسِبَ إِلَيْهِمُ السَّامِرِيُّ، وَيُقَالُ لَهُمْ فِي زَمَنِنَا: سَمَرَةٌ بِوَزْنِ سَحَرَةٍ، وَهُمْ طَائِفَةٌ مِنَ الْيَهُودِ يَتَشَدَّدُونَ فِي دِينِهِمْ، وَيُخَالِفُونَهُمْ فِي بَعْضِ الْفُرُوعِ. (وَالْفِرِنْجُ) وَهُمُ الرُّومُ، وَيُقَالُ لَهُمْ: بَنُو الْأَصْفَرِ، وَالْأَشْبَهُ أَنَّهَا مُوَلَّدَةٌ نِسْبَةً إِلَى فَرَنْجَةَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَثَانِيهِ وَسُكُونِ ثَالِثِهِ، وَهِيَ جَزِيرَةٌ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ، وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهَا فِرِنْجِيٌّ، ثُمَّ حُذِفَتْ، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [التوبة: ٢٩] إِلَى قَوْلِهِ {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩] «وَقَوْلُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ لِعَامِلِ كِسْرَى: أَمَرَنَا نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نُقَاتِلَكُمْ حَتَّى تَعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ أَوْ تُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ. وَالْإِجْمَاعُ عَلَى قَبُولِ الْجِزْيَةِ مِمَّنْ بَذَلَهَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَمَنْ يَلْحَقُ بِهِمْ. وَإِقْرَارُهُمْ بِذَلِكَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ. (وَمَنْ لَهُ شُبْهَةُ كِتَابٍ كَالْمَجُوسِ) لِأَنَّ عُمَرَ لَمْ يَأْخُذْهَا مِنْهُمْ حَتَّى شَهِدَ عِنْدَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ: «سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ» . رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَإِنَّمَا قِيلَ: لَهُمْ شُبْهَةُ كِتَابٍ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ لَهُمْ كِتَابٌ، فَرُفِعَ، فَصَارَ لَهُمْ بِذَلِكَ شُبْهَةٌ أَوْجَبَتْ حَقْنَ دِمَائِهِمْ، وَأَخْذَ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ. وَلَمْ يَنْتَهِضْ فِي إِبَاحَةِ نِسَائِهِمْ، وَحِلِّ ذَبَائِحِهِمْ.
(وَعَنْهُ: يَجُوزُ عَقْدُهَا لِجَمِيعِ الْكُفَّارِ إِلَّا عَبْدَةَ الْأَوْثَانِ مِنَ الْعَرَبِ) لِمَا رَوَى الزُّهْرِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute