للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَضْرِبُ امْرَأَتَهُ، فَخَنَقَهَا، أَوْ نَتَفَ شَعْرَهَا، أَوْ عَضَّهَا، حَنِثَ، وَإِنْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ سَوْطٍ، فَجَمَعَهَا فَضَرَبَهُ بِهَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً، لَمْ يُبِرَّ فِي يَمِينِهِ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَمَا ذَكَرُوهُ يَبْطُلُ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى الْمَشْرُوعِ فِي الصَّلَاةِ (وَإِنْ دَقَّ عَلَيْهِ إِنْسَانٌ) بَابَهُ (فَقَالَ: ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ، يَقْصِدُ تَنْبِيهَهُ) بِالْقُرْآنِ (لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ هَذَا مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَمِينُهُ إِنَّمَا تَنْصَرِفُ إِلَى كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ، قَالَ ابْنُ الْمُنَجَّا: فَإِنْ قِيلَ: لَوْ قَالَ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ لَبَطَلَتْ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ لَمَا بَطَلَتْ، قِيلَ: فِي ذَلِكَ مَنْعٌ، وَإِنْ سُلِّمَ فَالْفَرْقُ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَصِحُّ إِلَّا بِالْقُرْآنِ، وَقَدْ وَقَعَ التَّرَدُّدُ فِيهِ أَنَّ ذَلِكَ قُرْآنٌ، وَلَا يَصِحُّ مَعَ الشَّكِّ فِي شَرْطِهَا بِخِلَافِ الْحَلِفِ، فَإِنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ فِيهِ كَوْنُ الْمُتَكَلَّمِ بِهِ كَلَامَ الْآدَمِيِّينَ، وَقَدْ وَقَعَ التَّرَدُّدُ فِيهِ، فَلَا يَحْنَثُ بِالشَّكِّ فِي شَرْطِهِ، وَفِي الْمَذْهَبِ وَجْهٌ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَقْصِدِ الْقُرْآنَ أَنَّهُ يَحْنَثُ، ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ، لِأَنَّهُ مِنْ كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ، وَحَقِيقَةُ الذِّكْرِ مَا نُطِقَ بِهِ، فَتُحْمَلُ يَمِينُهُ عَلَيْهِ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الْكَلَامُ يَتَضَمَّنُ فِعْلًا كَالْحَرَكَةِ، وَيَتَضَمَّنُ مَا يَقْتَرِنُ بِالْفِعْلِ مِنَ الْحُرُوفِ وَالْمَعَانِي، فَلِهَذَا يُجْعَلُ الْقَوْلُ قِسْمًا لِلْفِعْلِ، وَقِسْمًا آخَرَ، وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَعْمَلُ عَمَلًا، فَقَالَ قَوْلًا كَالْقِرَاءَةِ، هَلْ يَحْنَثُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ.

فَرْعٌ: إِذَا حَلَفَ لَا يَسْمَعُ كَلَامَ اللَّهِ فَسَمِعَ الْقُرْآنَ، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ إِجْمَاعًا، قَالَهُ أَبُو الْوَفَاءِ.

(وَإِنْ حَلَفَ لَا يَضْرِبُ امْرَأَتَهُ، فَخَنَقَهَا، أَوْ نَتَفَ شَعْرَهَا، أَوْ عَضَّهَا، حَنِثَ) لِأَنَّهُ قَصَدَ تَرْكَ تَأْلِيمِهَا، وَقَدْ آلَمَهَا، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَحْتَمِلُ أَلَّا يَحْنَثَ بِذَلِكَ، إِلَّا أَنْ يَقْصِدَ أَلَّا يُؤْلِمَهَا، أَوْمَأَ إِلَيْهِ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا، وَهُوَ قَوْلٌ فِي الرِّعَايَةِ، لَكِنْ لَوْ عَضَّهَا لِلتَّلَذُّذِ وَلَمْ يَقْصِدْ تَأْلِيمَهَا لَمْ يَحْنَثْ.

وَإِنْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّهَا فَفَعَلَ ذَلِكَ بَرَّ، لِوُجُودِ الْمَقْصُودِ بِالضَّرْبِ، وَإِنْ ضَرَبَهَا بَعْدَ مَوْتِهَا لَمْ يَبِرَّ، وَهَلِ اللَّطْمُ وَالْوَكْزُ ضَرْبٌ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، قَالَهُ ابْنُ حَمْدَانَ.

(وَإِنْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ سَوْطٍ، فَجَمَعَهَا فَضَرَبَهُ بِهَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً، لَمْ يَبِرَّ فِي يَمِينِهِ) نَصَرَهُ فِي الشَّرْحِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ السَّامِرِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>