أَصْحَابِنَا، وَيُحْتَمَلُ أَلَّا يَحْنَثَ، فَإِنْ حَلَفَ لَا يَتَكَلَّمُ، فَقَرَأَ أَوْ سَبَّحَ، أَوْ ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى، لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ دَقَّ عَلَيْهِ إِنْسَانٌ فَقَالَ: ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ، يَقْصِدُ تَنْبِيهَهُ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
تَعَالَى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ} [النور: ٣٦] ، وقَوْله تَعَالَى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ} [آل عمران: ٩٦] ، وَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «بِئْسَ الْبَيْتُ الْحَمَّامُ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ، وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَإِذَا كَانَ فِي الْحَقِيقَةِ بَيْتًا وَفِي عُرْفِ الشَّارِعِ حَنِثَ بِدُخُولِهِ كَبَيْتِ الْإِنْسَانِ، وَأَمَّا بَيْتُ الشَّعْرِ وَالْأُدْمِ، فَلِأَنَّ اسْمَ الْبَيْتِ يَقَعُ عَلَيْهِ حَقِيقَةً وَعُرْفًا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا} [النحل: ٨٠] وَظَاهِرُهُ: أَنَّ الْخَيْمَةَ كَذَلِكَ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ السَّامِرِيُّ، وَحَكَاهُ فِي الْفُرُوعِ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ، وَذَكَرَ فِي الْكَافِي وَالشَّرْحِ: أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِدُخُولِهَا، لَكِنْ إِنْ عَيَّنَ خَيْمَةً اقْتُلِعَتْ وَضُرِبَتْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَوْ نَقَلَهَا حَنِثَ، وَعُلِمَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِدُخُولِ دِهْلِيزِ دَارٍ أَوْ صُفَّتِهَا، لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى بَيْتًا. (أَوْ لَا يَرْكَبُ، فَرَكِبَ سَفِينَةً، حَنِثَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا) لِأَنَّهُ رُكُوبٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ارْكَبُوا فِيهَا} [هود: ٤١] ، {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ} [العنكبوت: ٦٥] ، (وَيُحْتَمَلُ أَلَّا يَحْنَثَ) وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ، لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى بَيْتًا وَلَا رُكُوبًا فِي الْعُرْفِ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّ الِاحْتِمَالَ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا، وَظَاهِرُ الْمُغْنِي: أَنَّهُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْحَمَّامِ فَقَطْ، قَالَ: لِأَنَّ أَهْلَ الْعُرْفِ لَا تُسَمِّي ذَلِكَ بَيْتًا، (فَإِنْ حَلَفَ لَا يَتَكَلَّمُ، فَقَرَأَ، أَوْ سَبَّحَ، أَوْ ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى، لَمْ يَحْنَثْ) فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْعُرْفِ لَا يُطْلَقُ إِلَّا عَلَى كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ، وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ: كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى نَزَلَتْ: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: ٢٣٨] ، فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ، وَنُهِينَا عَنِ الْكَلَامِ، وَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى زَكَرِيَّا بِالتَّسْبِيحِ مَعَ قَطْعِ الْكَلَامِ عَنْهُ، وَقَالَ: إِنْ قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِلَّا حَنِثَ، وَمُقْتَضَى مَذْهَبِهِ أَنَّهُ يَحْنَثُ، لِأَنَّهُ كَلَامٌ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى} [الفتح: ٢٦] ، وَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «كَلِمَتَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ، خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ» . الْخَبَرَ. وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ، لِأَنَّ مَا لَا يُحْنَثُ بِهِ فِي الصَّلَاةِ لَا يُحْنَثُ بِهِ خَارِجًا مِنْهَا، كَالْإِشَارَةِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute