للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رَأْسًا، وَلَا بَيْضًا، حَنِثَ بِأَكْلِ رُءُوسِ الطَّيْرِ، وَالسَّمَكِ، وَبَيْضِ السَّمَكِ، وَالْجَرَادِ، عِنْدَ الْقَاضِي. وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: لَا يَحْنَثُ إِلَّا بِأَكْلِ رَأْسٍ جَرَتِ الْعَادَةُ بِأَكْلِهِ مُنْفَرِدًا، أَوْ بِيضٍ يُزَايَلُ بَائِضُهُ حَالَ الْحَيَاةِ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَيْتًا، فَدَخَلَ مَسْجِدًا، أَوْ حَمَّامًا، أَوْ بَيْتَ شَعْرٍ، أَوْ أُدْمٍ، أَوْ لَا يَرْكَبُ، فَرَكِبَ سَفِينَةً، حَنِثَ عِنْدَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

سَمَكًا لَمْ يَلْزَمْهُ، وَيَصِحُّ أَنْ يَنْفِيَ عَنْهُ الِاسْمَ، فَيُقَالُ مَا أَكَلْتُ لَحْمًا، وَإِنَّمَا أَكَلْتُ سَمَكًا، وَكَمَا لَوْ حَلَفَ: لَا قَعَدْتُ تَحْتَ سَقْفٍ، فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِقُعُودِهِ تَحْتَ السَّمَاءِ، وَقَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى سَقْفًا مَحْفُوظًا، لِأَنَّهُ مَجَازٌ، كَذَا هُنَا، وَالْأَوَّلُ هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَةِ اللَّحْمِ وَالسَّقْفِ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يَقْعُدُ تَحْتَ سَقْفٍ يُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، وَالسَّمَاءُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْهَا بِيَمِينِهِ، وَلِأَنَّ التَّسْمِيَةَ ثَمَّ مَجَازٌ، وَهُنَا حَقِيقَةٌ لِكَوْنِهِ مِنْ حَيَوَانٍ يَصْلُحُ لِلْأَكْلِ، فَكَانَ الِاسْمُ فِيهِ حَقِيقَةً كَلَحْمِ الطَّيْرِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ} [الواقعة: ٢١] ، (وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رَأْسًا، وَلَا بَيْضًا، حَنِثَ بِأَكْلِ رُءُوسِ الطَّيْرِ وَالسَّمَكِ، وَبَيْضِ السَّمَكِ، وَالْجَرَادِ) وَغَيْرِ ذَلِكَ (عِنْدَ الْقَاضِي) قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، لِعُمُومِ الِاسْمِ فِيهِ حَقِيقَةً وَعُرْفًا، أَشْبَهَ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِشُرْبِ الْمَاءِ الْمِلْحِ وَالْمَاءِ النَّجِسِ، وَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ خُبْزًا حَنِثَ بِكُلِّ خُبْزٍ، وَفِي التَّرْغِيبِ: إِنْ كَانَ خُبْزُ بَلَدِهِ الْأُرْزَ حَنِثَ بِهِ، وَفِي حِنْثِهِ بِخُبْزِ غَيْرِهِ الْوَجْهَانِ، (وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: لَا يَحْنَثُ إِلَّا بِأَكْلِ رَأَسٍ جَرَتِ الْعَادَةُ بِأَكْلِهِ مُنْفَرِدًا، أَوْ بَيْضٍ يُزَايَلُ بَائِضَهُ حَالَ الْحَيَاةِ) لِأَنَّهُ لَا يَنْصَرِفُ إِلَيْهِ اللَّفْظُ عُرْفًا، فَلَمْ يَحْنَثْ، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شِوَاءً فَأَكَلَ بَيْضًا، وَنَقَلَهُ فِي الشَّرْحِ عَنْهُ، وَأَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقِيلَ: بَيْضُ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ يُزَايِلُهُمَا فِي الْحَيَاةِ، وَلَا يُؤْكَلُ فِي حَيَاتِهِمَا، وَفِي الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ كَالْمُقْنِعِ، وَفِي التَّرْغِيبِ: إِنْ كَانَ بِمَكَانٍ الْعَادَةُ إِفْرَادُهُ بِالْبَيْعِ فِيهِ حَنِثَ، وَفِي غَيْرِ مَكَانِهِ وَجْهَانِ نَظَرًا إِلَى أَصْلِ الْعَادَةِ أَوْ عَادَةِ الْحَالِفِ، وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ شَيْءٍ يُسَمَّى بَيْضًا غَيْرَ بَيْضِ الْحَيَوَانِ، وَلَا بِشَيْءٍ يُسَمَّى رَأْسًا غَيْرَ رُءُوسِ الْحَيَوَانِ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِرَأْسٍ وَلَا بَيْضٍ، (وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَيْتًا، فَدَخَلَ مَسْجِدًا، أَوْ حَمَّامًا، أَوْ بَيْتَ شَعْرٍ، أَوْ أُدْمٍ) حَنِثَ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُمَا بَيْتَانِ حَقِيقَةً، لِقَوْلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>