حُرٌّ مِنْ حِينِ أَعْتَقَهُ، وَإِنْ مَاتَ، أَقْرَعَ الْوَرَثَةُ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ، أُقْرِعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَيِّ، وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدًا، ثُمَّ أُنْسِيَهُ، أُخْرِجَ بِالْقُرْعَةِ، فَإِنْ عَلِمَ بَعْدَهَا أَنَّ الْمُعْتَقَ غَيْرُهُ، عَتَقَ، وَهَلْ يَبْطُلُ عِتْقُ الْأَوَّلِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
حُرٌّ مِنْ حِينِ أَعْتَقَهُ) لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ التَّعْيِينُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَلَا لِلْوَارِثِ بَعْدَهُ، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ هَذَا بِعَيْنِهِ، قُبِلَ مِنْهُ، وَعُتِقَ ; لِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يُعْرَفُ مِنْ جِهَتِهِ، وَقَوْلُهُ: مِنْ حِينِ أَعْتَقَهُ، يُرِيدُ أَنَّ الْعَبْدَ إِنْ كَانَ اكْتَسَبَ مَالًا بَعْدَ الْعِتْقِ، فَهُوَ لَهُ دُونَ سَيِّدِهِ، لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّهُ اكْتُسِبَ فِي حَالِ الْحُرِّيَّةِ (وَإِنْ مَاتَ، أَقْرَعَ الْوَرَثَةُ) لِأَنَّهُمْ يَقُومُونَ مَقَامَ مَوْرُوثِهِمْ (وَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ، أُقْرِعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَيِّ) فَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى الْمَيِّتِ حَسِبْنَاهُ مِنَ التَّرِكَةِ، وَقَوَّمْنَاهُ حِينَ الْإِعْتَاقِ، سَوَاءٌ مَاتَ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ، أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ الْقُرْعَةِ، فَعَلَيْهِ إِنْ وَقَعَتْ عَلَى الْحَيِّ، نُظِرَ فِي الْمَيِّتِ، فَإِنْ كَانَ مَوْتُهُ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ أَوْ بَعْدَهُ، قَبْلَ قَبْضِ الْوَارِثِ، لَمْ يُحْسَبْ مِنَ التَّرِكَةِ، فَتَكُونُ التَّرِكَةُ لِلْحَيِّ وَحْدَهُ، فَيُعْتَقُ ثُلُثُهُ، وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْإِعْتَاقِ ; لِأَنَّهُ حِينَ الْإِتْلَافِ، وَيُعْتَبَرُ قِيمَةُ التَّرِكَةِ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ حِيَنِ الْمَوْتِ إِلَى حِينِ قَبْضِ الْوَارِثِ، وَقِيلَ: يُحْسَبُ الْمَيِّتُ مِنَ التَّرِكَةِ، وَإِنْ كَانَ مَوْتُهُ بَعْدَ قَبْضِ الْوَارِثِ لَهُ حُسِبَ مِنَ التَّرِكَةِ ; لِأَنَّهُ وَصَلَ إِلَيْهِمْ، وَجَعَلْنَاهُ كَالْحَيِّ فِي تَقْوِيمِهِ مَعَهُ.
(وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدًا ثُمَّ أُنْسِيَهُ، أُخْرِجَ بِالْقُرْعَةِ) فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَحْمَدَ، وَقَالَهُ اللَّيْثُ ; لِأَنَّ مُسْتَحِقَّ الْعِتْقِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ، أَشْبَهَ مَا لَوْ عَتَقَ جَمِيعُهُمْ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَقْرَعْ، فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي عِتْقِ مَنْ عَيَّنَهُ دُونَ غَيْرِهِ، فَإِذَا قَالَ: أَعْتَقْتُ هَذَا، عَتَقَ، وَرَقَّ الْبَاقُونَ، وَإِنْ قَالَ: أَعْتَقْتُ هَذَا، لَا بَلْ هَذَا، عُتِقَا جَمِيعًا، وَكَذَا إِقْرَارُ وَارِثٍ (فَإِنْ عَلِمَ بَعْدَهَا) أَيْ: بَعْدَ الْقُرْعَةِ (أَنَّ الْمُعْتَقَ غَيْرُهُ عُتِقَ) لِتَبَيُّنِ أَمْرِهِ (وَهَلْ يَبْطُلُ عِتْقُ الْأَوَّلِ؛ عَلَى وَجْهَيْنِ) أَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ يَبْطُلُ، وَيُرَدُّ إِلَى الرِّقِّ ; لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ لَهُ الْمُعْتَقُ، فَيُعْتَقُ دُونَ غَيْرِهِ، كَمَا لَوْ لَمْ يَقْرَعْ.
وَالثَّانِي: وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ حَامِدٍ: أَنَّهُمَا يُعْتَقَانِ ; لِأَنَّ الْأَوَّلَ تَبَيَّنَتِ الْحَرِيَّةُ فِيهِ بِالْقُرْعَةِ، فَلَا تَزُولُ كَسَائِرِ الْأَحْرَارِ، وَكَمَا لَوْ كَانَتِ الْقُرْعَةُ بِحُكْمِ حَاكِمٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute