للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا مَلَكَ مِنْهُ، وَلَوْ أَعْتَقَ في مَرَضه سِتَّةَ أَعْبُدٍ، قِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ، وَثُلُثُهُ يَحْتَمِلُهُمْ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُهُمْ، بِيعُوا فِي دَيْنِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعْتَقَ ثُلْثُهُمْ، وَإِنْ أَعْتَقَهُمْ، فَأَعْتَقْنَا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

بِمَوْتِهِ، فَلَا يَبْقَى شَيْءٌ يَقْضِي مِنْهُ الشَّرِيكَ، لَكِنْ قَالَ الْقَاضِي: مَا أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ سَرَى، وَمَا دَبَّرَهُ أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ، فَلَا، فَالرِّوَايَةُ فِي سِرَايَةِ الْعِتْقِ فِي حَالِ الْحَيَاةِ أَصَحُّ، وَالرِّوَايَةُ فِي وُقُوفِهِ فِي التَّدْبِيرِ أَصَحُّ ; لِأَنَّ الْعِتْقَ فِي الْحَيَاةِ يَنْفُذُ حَالَ مِلْكِ الْمُعْتِقِ، وَصِحَّةُ تَصَرُّفِهِ، وَتَصَرُّفُهُ فِي ثُلُثِهِ كَتَصَرُّفِ الصَّحِيحِ فِي مَالِهِ كُلِّهِ، وَأَمَّا التَّدْبِيرُ وَالْوَصِيَّةُ، فَإِنَّمَا يَحْصُلُ الْعِتْقُ بِهِ فِي حَالِ زَوَالِ مِلْكِ الْمُعْتِقِ وَتَصَرُّفَاتِهِ (وَلَوْ أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ سِتَّةَ أَعْبُدٍ، قِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ وَثُلُثُهُ يَحْتَمِلُهُمْ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُهُمْ، بِيعُوا فِي دَيْنِهِ) وَجُمْلَتُهُ: أَنَّ الْمَرِيضَ إِذَا أَعْتَقَ عَبِيدَهُ، أَوْ دَبَّرَهُمْ وَهُمْ يَخْرُجُونَ مِنْ ثُلْثِهِ فِي الظَّاهِرِ، فَأَعْتَقْنَاهُمْ، ثُمَّ مَاتَ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُهُمْ، تَبَيَّنَّا بُطْلَانَ عِتْقِهِمْ، فَيُبَاعُونَ فِي الدَّيْنِ، وَيَكُونُ عِتْقُهُمْ وَصِيَّةً، وَالدَّيْنُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ، وَلِأَنَّ الدَّيْنَ يُقَدَّمُ عَلَى الْمِيرَاثِ بِالِاتِّفَاقِ، وَلِهَذَا يُبَاعُ فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: ١٢] الْآيَةَ، وَرَدَّ ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَبْدًا أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَاسْتَحْسَنَ ذَلِكَ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعْتَقَ ثُلُثُهُمْ) هَذَا رِوَايَةٌ ذَكَرَهَا أَبُو الْخَطَّابِ، فَعَلَى هَذَا: يُعْتِقُ مِنْهُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ، وَيُرَدُّ الْبَاقِي ; لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمَرِيضِ فِي ثُلُثِهِ، كَتَصَرُّفِ الصَّحِيحِ فِي مَالِهِ، وَكَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَلِأَنَّهُ تَبَرَّعَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِمَا يُعْتَبَرُ خُرُوجُهُ مِنَ الثُّلُثِ، فَقُدِّمَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ كَالْهِبَةِ، فَإِنْ قَالَ الْوَرَثَةُ: نَحْنُ نُمْضِي الْعِتْقَ، وَنَقْضِي الدَّيْنَ، لَمْ يَنْفُذْ فِي وَجْهٍ ; لِأَنَّ الدَّيْنَ كَانَ مَانِعًا مِنْهُ، فَيَكُونُ بَاطِلًا، وَلَا يَصِحَّ بِزَوَالِ الْمَانِعِ بَعْدَهُ، وَفِي آخَرَ: يَنْفُذُ الْعِتْقُ ; لِأَنَّهُ إِذَا سَقَطَ الدَّيْنُ، وَجَبَ نُفُوذُهُ، وَقِيلَ: أَصْلُهُمَا إِذَا تَصَرَّفَ الْوَرَثَةُ فِي التَّرِكَةِ بِبَيْعٍ وَغَيْرِهِ، وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ، وَقُضِيَ الدَّيْنُ، هَلْ يَنْفُذُ فِيهِ؟ وَجْهَانِ.

فَرْعٌ: إِذَا أَعْتَقَ الْمَرِيضُ ثَلَاثَةَ أَعْبُدٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ، فَأَقْرَعَ الْوَرَثَةُ، فَأَعْتَقُوا وَاحِدًا وَأَرَقُّوا اثْنَيْنِ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ نِصْفَهُمْ، فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: تَبْطُلُ الْقُرْعَةُ، وَالثَّانِي: لَا، فَيُقَالُ لِلْوَرَثَةِ: اقْضُوا ثُلْثَيِ الدَّيْنِ، وَهُوَ بِقِدْرِ قِيمَةِ نِصْفِ الْعَبْدَيْنِ اللَّذَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>