أَنْ يُدْخِلَا بَيْنَهُمَا مُحَلِّلًا يُكَافِئُ فَرَسُهُ فَرَسَيْهِمَا، أَوْ بَعِيرُهُ بَعِيرَيْهِمَا، أَوْ رَمْيُهُ رَمْيَيْهِمَا، فَإِنْ سَبَقَ أَحْرَزَ سَبْقَيْهِمَا، وَإِنْ سَبَقَاهُ أَحْرَزَا سَبْقَيْهِمَا وَلَمْ يَأْخُذَا مِنْهُ شَيْئًا، وَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا أَحْرَزَ السَّبْقَيْنِ، وَإِنْ سَبَقَ مَعَهُ الْمُحَلِّلُ فَسَبْقُ الْآخَرِ بَيْنَهُمَا.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
تَنْبِيهٌ: السَّبْقُ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْجُعْلُ الَّذِي يُسَابَقُ عَلَيْهِ، يُقَالُ: سَبَقَ إِذَا أَخَذَ وَأَعْطَى فَهُوَ مِنَ الْأَضْدَادِ.
(فَإِنْ أَخْرَجَا مَعًا) أَيِ الْعِوَضَ (لَمْ يَجُزْ) وَكَانَ قِمَارًا (إِلَّا أَنْ يُدْخِلَا بَيْنَهُمَا مُحَلِّلًا) فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَا سَوَاءً أَخْرَجَاهُ مُتَسَاوِيًا، أَوْ مُتَفَاضِلًا، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُخْرِجَ الْمُحَلِّلُ شَيْئًا، وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَالزُّهْرِيِّ، وَالَأَوْزَاعِيِّ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَهُوَ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَسْبِقَ فَلَيْسَ قِمَارًا، وَمَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَقَدْ أَمِنَ أَنْ يَسْبِقَ فَهُوَ قِمَارٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، فَجَعَلَهُ قِمَارًا إِذَا أَمِنَ السَّبْقَ ; لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَغْنَمَ أَوْ يَغْرَمَ، وَإِذَا لَمْ يَأْمَنْ أَنْ يَسْبِقَ لَمْ يَكُنْ قِمَارًا ; لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَجُوزُ أَنْ يَخْلُوَ عَنْ ذَلِكَ وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُحَلِّلِ أَنْ (يُكَافِئُ فَرَسُهُ فَرَسَيْهِمَا، أَوْ بَعِيرُهُ بَعِيرَيْهِمَا، أَوْ رَمْيُهُ رَمْيَيْهِمَا) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ (فَإِنْ سَبَقَهما أَحْرَزَ سَبْقَيْهِمَا) اتِّفَاقًا ; لِأَنَّهُ جُعِلَ لِمَنْ سَبَقَ (وَإِنْ سَبَقَاهُ أَحْرَزَا سَبْقَيْهِمَا) لِأَنَّ الْمُحَلِّلَ لَمْ يَسْبِقْهُمَا (وَلَمْ يَأْخُذَا مِنْهُ) أَيْ مِنَ الْمُحَلِّلِ (شَيْئًا) لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ لِمَنْ سَبَقَهُ شَيْئًا (وَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا أَحْرَزَ السَّبْقَيْنِ) لِأَنَّهُمَا قَدْ جَعَلَاهُ لِمَنْ سَبَقَ، وَقَدْ وَجَدَ (وَإِنْ سَبَقَ مَعَهُ الْمُحَلِّلُ فَسَبْقُ الْآخَرِ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنِ السَّابِقِ وَالْمُحَلِّلِ نِصْفَيْنِ لِأَنَّهُمَا قَدِ اشْتَرَكَا فِيهِ فَوَجَبَ أَنْ يَشْتَرِكَا فِي عِوَضِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَبِقُونَ اثْنَيْنِ أَوْ أَكَثَرَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَكْفِي مُحَلِّلٌ وَاحِدٌ.
وَقَالَ الْآمِدِيُّ: لَا يَجُوزُ أَكْثَرُ لِدَفْعِ الْحَاجَةِ، وَقِيلَ: بَلْ أَكْثَرُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الشَّرْحِ "، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لَا مُحَلِّلَ، وَأَنَّهُ أَوْلَى بِالْعَدْلِ مِنْ كَوْنِ السَّبْقِ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَأَبْلَغُ فِي تَحْصِيلِ مَقْصُودِ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَهُوَ بَيَانُ عَجْزٍ الْآخَرِ.
(وَإِنْ قَالَ الْمُخْرِجُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ الْمُتَسَابِقِينَ (مَنْ سَبَقَ فَلَهُ عَشَرَةٌ، وَمَنْ صَلَّى فَلَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute