للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ قَالَ الْمُخْرِجُ: مَنْ سَبَقَ فَلَهُ عَشَرَةٌ، وَمَنْ صَلَّى فَلَهُ كَذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ قَالَ: مَنْ صَلَّى فَلَهُ خَمْسَةٌ صَحَّ، وَإِنْ شَرَطَا أَنَّ السَّابِقَ يُطْعِمُ السَّبْقَ أَصْحَابَهُ أَوْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

كَذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ) إِذَا كَانَا اثْنَيْنِ ; لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي طَلَبِ السَّبْقِ فَلَا يُحْرَصُ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ سَوَاءٌ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانُوا أَكَثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَقَالَ ذَلِكَ صَحَّ ; لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَطْلُبُ أَنْ يَكُونَ سَابِقًا أَوْ مُصَلِّيًا (وَإِنْ قَالَ: مَنْ صَلَّى فَلَهُ خَمْسَةٌ صَحَّ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَجْتَهِدُ أَنْ يَكُونَ سَابِقًا لِيُحْرِزَ أَكْثَرَ الْعِوَضَيْنِ، وَالْمُصَلِّي: هُوَ الثَّانِي ; لِأَنَّ رَأْسَهُ عِنْدَ صَلَا الْآخَرِ، وَالصَّلَوَانِ هُمَا الْعَظْمَانِ النَّاتئانِ مِنْ جَانِبِ الذَّنَبِ، وَفِي الْأَثَرِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: سَبَقَ أَبُو بَكْرٍ، وَصَلَّى عُمَرُ، وَخَطَبتْنَا فِتْنَةٌ.

قَالَ الشَّاعِرُ:

إِنْ تَبْتَدِرْ غَايَةً يَوْمًا لِمَكْرُمَةٍ ... تَلْقَ السَّوَابِقَ فِينَا وَالْمُصَلِّينَا

فَإِنْ قَالَ: لِلْمُجَلِّي - وَهُوَ الْأَوَّلُ - مِائَةٌ، وَلِلْمُصَلِّي وَهُوَ الثَّانِي تِسْعُونَ، وَلِلتَّالِي وَهُوَ الثَّالِثُ ثَمَانُونَ، وَلِلْبَارِعِ وَهُوَ الرَّابِعُ سَبْعُونَ، وَلِلْمُرْتَاحِ وَهُوَ الْخَامِسُ سِتُّونَ، وَلِلْخطيِّ وَهُوَ السَّادِسُ خَمْسُونَ، وَلِلْعَاطِفِ وَهُوَ السَّابِعُ أَرْبَعُونَ، وَلِلْمُؤَمَّلِ وَهُوَ الثَّامِنُ ثَلَاثُونَ، وَلِلَّطِيمِ وَهُوَ التَّاسِعُ عِشْرُونَ، وَلِلسِّكِّيتِ وَهُوَ الْعَاشِرُ عَشَرَةٌ، وَلِلْفِسْكِلِ وَهُوَ الْآخِرُ خَمْسَةٌ، صَحَّ ; لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَطْلُبُ السَّبْقَ، أَوْ مَا يَلِيهِ.

وَذَكَرَ الثَّعَالِبِيُّ فِي " فِقْهِ اللُّغَةِ " أَنَّ الْمُجَلِّيَ: هُوَ الثَّانِي، وَالْمُصَلِّيَ هُوَ الثَّالِثُ، فَلَوْ جَعَلَ لِلْمُصَلِّي أَكْثَرَ مِنَ الْمُجَلِّي أَوْ جَعَلَ لِمَا بَعْدَهُ أَكْثَرَ مِنْهُ، أَوْ لَمْ يَجْعَلْ لِلْمُصَلِّي شَيْئًا، لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ يُفْضِي إِلَى أَنْ لَا يُقْصَدَ السَّبْقُ، بَلْ يُقْصَدُ التَّأَخُّرُ، فَيَفُوتُ الْمَقْصُودُ.

مَسْأَلَةٌ: إِذَا قَالَ لِعَشَرَةٍ: مَنْ سَبَقَ مِنْكُمْ فَلَهُ عَشَرَةٌ، فَسَبَقَ اثْنَانِ، فَهِيَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ سَبَقَ تِسْعَةٌ وَتَأَخَّرَ وَاحِدٌ، فَالْعَشَرَةُ لِلتِّسْعَةِ، وَقِيلَ: لِكُلٍّ مِنَ السَّابِقِينَ عَشَرَةٌ، كَمَا لَوْ قَالَ: مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ عَشَرَةٌ، فَرَدَّ كُلُّ وَاحِدٍ عَبْدًا، وَفَارَقَ مَا لَوْ قَالَ: مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَرَدَّهُ تِسْعَةٌ ; لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ واحد منهم لَمْ يَرُدَّهُ، وَإِنَّمَا رَدُّهُ حَصَلَ مِنَ الْكُلِّ.

(وَإِنْ شَرَطَا أَنَّ السَّابِقَ يُطْعِمُ السَّبْقَ أَصْحَابَهُ) أَوْ بَعْضَهُمْ (أَوْ غَيْرَهُمْ) أَوْ إِنْ سَبَقْتَنِي فَلَكَ كَذَا وَلَا أَرْمِي أَبَدًا أَوْ أَشْهُرًا (لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ) لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَلَى عَمَلٍ فَلَا يَسْتَحِقُّهُ غَيْرُ الْعَامِلِ كَالْعِوَضٍ فِي رَدِّ الْآبِقِ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ صِحَّةَ شَرْطِهِ لِأُسْتَاذِهِ، وَشِرَاءَ قَوْسٍ، وَكَرَاءَ حَانُوتٍ، وَإِطْعَامَ الْجَمَاعَةِ ; لِأَنَّهُ مِمَّا يُعِينُ عَلَى الرَّمْيِ (وَفِي صِحَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>