للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ أَحْرَمَ بِنُسُكٍ وَنَسِيَهُ، جَعَلَهُ عُمْرَةً، وَقَالَ الْقَاضِي: لَهُ صَرْفُهُ إِلَى مَا شَاءَ وَإِنْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

لِمَا رَوَى جَابِرٌ «أَنَّ عَلِيًّا قَدِمَ مِنَ الْيَمَنِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: بِمَ أَهْلَلْتَ؛ قَالَ: بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: فَأَهْدِ، وَامْكُثْ حَرَامًا» . وَعَنْ أَبِي مُوسَى نَحْوُهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا. فَإِنْ عَلِمَ انْعَقَدَ بِمِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ نَفْسَهُ تَبَعًا، وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا فَحُكْمُهُ سَبَقَ. وَظَاهِرُهُ: لَا يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ إِلَى مَا يصرف إِلَيْهِ، وَلَا إِلَى مَا كَانَ صَرَفَهُ إِلَيْهِ، وَأَطْلَقَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا احْتِمَالَيْنِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ يُعْمَلُ بِقَوْلِهِ لَا بِمَا وَقَعَ فِي نَفْسِهِ، وَإِنْ جَهِلَهُ فَكَالْمَنْسِيِّ، وَإِنْ شَكَّ هَلْ أَحْرَمَ أَمْ لَا، وَالْأَشْهَرُ: كَمَا لَوْ لَمْ يُحْرِمْ فَيَكُونُ إِحْرَامُهُ مُطْلَقًا، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا إِذَا كَانَ إِحْرَامُهُ فَاسِدًا، فَيَتَوَجَّهُ لَنَا خِلَافٌ فِيمَا إِذَا نَذَرَ عِبَادَةً فَاسِدَةً هَلْ يَنْعَقِدُ بِصَحِيحَةٍ؛.

فَرْعٌ: لَوْ قَالَ: إِنْ أَحْرَمَ زَيْدٌ، فَأَنَا مُحْرِمٌ قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": فَيَتَوَجَّهُ أَنْ لَا يَصِحَّ، وَلَوْ قَالَ أَحْرَمْتُ يَوْمًا أَوْ بِنِصْفِ نُسُكٍ وَنَحْوِهِمَا فَيَتَوَجَّهُ خِلَافٌ.

(وَإِنْ أَحْرَمَ بِحَجَّتَيْنِ أَوْ عُمْرَتَيْنِ انْعَقَدَ بِإِحْدَاهُمَا) ؛ لِأَنَّ الزَّمَانَ يَصْلُحُ لِأَدَاءِ وَاحِدَةٍ، فَيَصِحُّ بِهِ كَتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فَدَلَّ عَلَى خِلَافٍ هُنَا كَأَصْلِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِهِمَا كَبَقِيَّةِ أَفْعَالِهِمَا، وَكَنَذْرِهِمَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ تَجِبُ إِحْدَاهُمَا: دُونَ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ لَا يَصْلُحُ لَهُمَا، وَكَنِيَّةِ صَوْمَيْنِ فِي يَوْمٍ، وَلَوْ أَفْسَدَ حَجَّهُ أَوْ عُمْرَتَهُ، لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا قَضَاؤُهَا، (وَإِنْ أَحْرَمَ بِنُسُكٍ، وَنَسِيَهُ جَعَلَهُ عُمْرَةً) نَقَلَهُ أَبُو دَاوُدَ؛ لِأَنَّهَا الْيَقِينُ، وَلَهُ صَرْفُ الْحَجِّ، وَالْقِرَانِ إِلَيْهَا مَعَ الْعِلْمِ بِمَنْعِ الْإِبْهَامِ أَوَّلًا، وَالْمُرَادُ: أَنَّ لَهُ جَعْلَهُ عُمْرَةً، لَا أَنَّهَا تَتَعَيَّنُ، (وَقَالَ الْقَاضِي) وَقَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ (لَهُ صَرْفُهُ إِلَى مَا شَاءَ) ؛ لِأَنَّهُ إِنْ صَادَفَ مَا أَحْرَمَ بِهِ فَقَدْ أَصَابَ، وَإِنْ صَرَفَهُ إِلَى عُمْرَةٍ، وَكَانَ إِحْرَامُهُ بِغَيْرِهَا جَازَ لِجَوَازِ الْفَسْخِ إِلَيْهَا، وَيَلْزَمُهُ دَمُ الْمُتْعَةِ، وَإِنْ صَرَفَهُ إِلَى قِرَانٍ، وَكَانَ الْمَنْسِيُّ عُمْرَةً، فَقَدْ أَدْخَلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ، وَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ مُفْرِدًا، فَقَدْ أَدْخَلَ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ، وَهُوَ لَغْوٌ لَا يَقْدَحُ فِي صِحَّةِ حَجِّهِ، وَإِنْ صَرَفَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>