للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْهُ: لَا يَجِبُ إِلَّا فِي أَرْبَعٍ فَصَاعِدًا، وَفِيمَا دُونَ ذَلِكَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مُدٌّ مِنْ طَعَامٍ، وَعَنْهُ: قَبْضَةٌ، وَعَنْهُ: دِرْهَمٌ، وَإِنْ حَلَقَ رَأْسَهُ بِإِذْنِهِ فَالْفِدْيَةُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مُكْرَهًا،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

كَذَلِكَ، وَعَبَّرَ فِي " الْفُرُوعِ " بِتَرْكِهِ إِزَالَةَ الشَّعْرِ، وَهُوَ أَوْلَى، لَكِنَّ الْمُؤَلِّفَ تَبِعَ النَّصَّ، وَلِكَوْنِهِ هُوَ الْأَغْلَبُ، (وَتَقْلِيمُ الْأَظَافِرِ) ؛ لِأَنَّهُ تَحْصُلُ بِهِ الرَّفَاهِيَةُ أَشْبَهَ الْحَلْقَ، فَمَنْ حَلَقَ، أَوْ قَلَّمَ ثَلَاثَةً فَعَلَيْهِ دَمٌ، أَمَّا فِي حَلْقِ شَعْرِ الرَّأْسِ، فَلِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} [البقرة: ١٩٦] الْآيَةَ، وَلِحَدِيثِ كَعْبٍ قَالَ: «حُمِلْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي، قَالَ: مَا كُنْتُ أَرَى الْجُهْدَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى تَجِدُ شَاةً؟ قَالَ: لَا قَالَ: صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا تَجِبُ فِي إِزَالَةِ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ، فَمَا فَوْقَهَا، قَالَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ؛ لِأَنَّ الثَّلَاثَ جَمْعٌ، وَاعْتُبِرَتْ فِي مَوَاضِعَ كَمَحَلِّ الْوِفَاقِ بِخِلَافِ رُبْعِ الرَّأْسِ، وَمَا يُمَاطُ بِهِ الْأَذَى. وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي وُجُوبَ الدَّمِ عَيْنًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ مُخَيَّرٌ فِيهِ كَمَا يَأْتِي، وَلَعَلَّهُ وَكَّلَ التَّفْصِيلَ إِلَى بَابِهِ، وَحُكْمُ الْأَظَافِرِ كَالشَّعْرِ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ لِلتَّرَفُّهِ. وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمَعْذُورِ وَغَيْرِهِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ النَّصَّ دَلَّ عَلَى وُجُوبِهَا عَلَى الْمَعْذُورِ، فَغَيْرُهُ مِنْ بَابِ أَوْلَى، وَإِنَّمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي جَوَازِ الْإِقْدَامِ، وَعَدَمِهِ، (وَعَنْهُ: لَا يَجِبُ إِلَّا فِي أَرْبَعٍ فَصَاعِدًا) نَقَلَهَا جَمَاعَةٌ، وَاخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ؛ لِأَنَّ الْأَرْبَعَ كَثِيرٌ، وَلِأَنَّ الثَّالِثَ آخِرُ أَجْزَاءِ الْعِلَّةِ، وَآخِرُ الشَّيْءِ مِنْهُ فَلَمْ يَجِبْ فِيهِ كَالشَّعْرَتَيْنِ، وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى رِوَايَةً فِي خَمْسٍ، اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ فِي " التَّنْبِيهِ " قَالَ فِي " الشَّرْحِ " وَ " الْفُرُوعِ ": وَلَا وَجْهَ لَهَا، وَلَعَلَّهُ قَيَّدَ الْحُكْمَ بِأَطْرَافِ الْيَدِ كَامِلَةً، (وَفِيمَا دُونَ ذَلِكَ) أَيِ: الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ عَلَى الْخِلَافِ (فِي كُلِّ وَاحِدٍ مُدٌّ مِنْ طَعَامٍ) أَيْ: إِطْعَامُ مِسْكِينٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا، وَجَبَ شَرْعًا فِدْيَةٌ، (وَعَنْهُ: قَبْضَةٌ) وَقَالَهُ عَطَاءٌ؛ لِأَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ فِيهِ، وَلِأَنَّهَا الْيَقِينُ، (وَعَنْهُ: دِرْهَمٌ) ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: فِي الشَّعْرَتَيْنِ دِرْهَمَانِ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا امْتَنَعَ إِيجَابُ جُزْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>