فَفِيهِ رِوَايَتَانِ، وَإِنْ حَمَلَ عَلَى رَأْسِهِ شَيْئًا، أَوْ نَصَبَ حِيَالَهُ ثَوْبًا أَوِ اسْتَظَلَّ بِخَيْمَةٍ أَوْ شَجَرَةٍ أَوْ بَيْتٍ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَفِي تَغْطِيَةِ الْوَجْهِ رِوَايَتَانِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ. رَوَاهُ الْأَثْرَمُ، وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ، وَلِأَنَّهُ قَصَدَهُ بِمَا يَقْصِدُ بِهِ الرَّفَهَ كَتَغْطِيَتِهِ، وَعَنْهُ: لَا فِدْيَةَ إِنْ طَالَ زَمَنُهُ، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَعَنِ الْأَوَّلِ لَوِ اسْتَظَلَّ بِثَوْبٍ رَاكِبًا وَنَازِلًا، لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ، وَالثَّانِيَةُ: يَجُوزُ بِلَا فِدَاءٍ جَزَمَ بِهَا فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّ غَايَةَ مَا سَبَقَ أَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، وَهُوَ لَا يَرَى ذَلِكَ حَرَامًا، وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ بِثَوْبٍ كَمَا سَيَأْتِي.
(وَإِنْ حَمَلَ عَلَى رَأْسِهِ شَيْئًا) وَكَسَتْرِهِ بِيَدِهِ، وَلَا أَثَرَ لِلْقَصْدِ، وَعَدَمِهِ فِيمَا فِيهِ فِدْيَةٌ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إِنْ قَصَدَ بِهِ السَّتْرَ فَدَى كَجُلُوسِهِ عِنْدَ عَطَّارٍ لِقَصْدِ شَمِّ الطِّيبِ، فَلَوْ لَبَّدَهُ بِغُسْلٍ أَوْ صَمْغٍ وَنَحْوِهِ لِئَلَّا يَدْخُلَهُ غُبَارٌ، وَلَا دَبِيبٌ جَازَ لِلْخَبَرِ (أَوْ نَصَبَ حِيَالَهُ ثَوْبًا) لِمَا رَوَتْ أُمُّ الْحُصَيْنِ قَالَتْ «حَجَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَجَّةَ الْوَدَاعِ فَرَأَيْتُ بِلَالًا، وَأُسَامَةَ وَأَحَدُهُمَا آخِذٌ بِخِطَامِ نَاقَتِهِ، وَالْآخَرُ رَافِعٌ ثَوْبَهُ يَسْتُرُهُ مِنَ الْحَرِّ حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَأَجَابَ أَحْمَدُ، وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ - بِأَنَّهُ يَسِيرٌ لَا يُرَادُ لِلِاسْتِدَامَةِ بِخِلَافِ الِاسْتِظْلَالِ بِالْمَحْمَلِ زَادَ ابْنُ عَقِيلٍ: أَوْ كَانَ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ أَوْ بِهِ عُذْرٌ وَفَدَى أَوْ لَمْ يَعْمَلِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِ (أَوِ اسْتَظَلَّ بِخَيْمَةٍ أَوْ شَجَرَةٍ أَوْ بَيْتٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِمَا رَوَى جَابِرٌ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضُرِبَتْ لَهُ قُبَّةٌ بِنَمِرَةَ فَنَزَلَهَا» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِهِ الرَّفَهُ فِي الْبَدَنِ عَادَةً، بَلْ جَمْعُ الرَّحْلِ، وَحِفْظُهُ، وَفِيهِ شَيْءٌ، (وَفِي تَغْطِيَةِ الْوَجْهِ رِوَايَتَانِ) إِحْدَاهُمَا: تَجُوزُ، وَاخْتَارَهَا الْأَكْثَرُ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَغَيْرِهِمْ، وَلِأَنَّهُ يُقْصَدُ بِهِ سُنَّةُ التَّقْصِيرِ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حُرْمَةُ التَّخْمِيرِ كَسَائِرِ بَدَنِهِ، وَالثَّانِيَةُ - وَنَقَلَهَا الْأَكْثَرُ - لَا يَجُوزُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «وَلَا تُخَمِّرُوا وَجْهَهُ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَيَكُونُ كَالرَّأْسِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute