للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِتَخْلِيصِهِ مِنْ سَبُعٍ أَوْ شَبَكَةٍ لِيُطْلِقَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَقِيلَ: يَضْمَنْهُ فِيهِمَا، وَلَا تَأْثِيرَ لِلْحَرَمِ وَلَا لِلْإِحْرَامِ فِي تَحْرِيمِ حَيَوَانٍ إِنْسِيٍّ، وَلَا مُحَرَّمِ الْأَكْلِ إِلَّا الْقَمْلَ فِي رِوَايَةٍ، وَأَيُّ شَيْءٍ تُصُدِّقَ بِهِ كَانَ خَيْرًا مِنْهُ، وَلَا يَحْرُمُ صَيْدُ الْبَحْرِ عَلَى

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

مَاله (أَوْ بِتَخْلِيصِهِ مِنْ سَبُعٍ أَوْ شَبَكَةٍ) أَوْ أَخَذَهُ لِيُخَلِّصَ مِنْ رِجْلِهِ خَيْطًا وَنَحْوِهِ (لِيُطْلِقَهُ) فَتَلِفَ قَبْلَ إِرْسَالِهِ (لَمْ يَضْمَنْهُ) عَلَى الْأَشْهَرِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ أُبِيحَ لِحَاجَةِ الْحَيَوَانِ، فَلَمْ يَضْمَنْهُ كَمُدَاوَاةِ الْوَلِيِّ مُوَلِّيهِ، (وَقِيلَ: يَضْمَنْهُ فِيهِمَا) أَمَّا أَوَّلًا فَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَهُ لِحَاجَةِ نَفْسِهِ فَهُوَ كَقَتْلِهِ لِحَاجَةِ أَكْلِهِ فِي الْأَصَحِّ خِلَافًا لِلْأَوْزَاعِيِّ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ، وَأَمَا ثَانِيًا فَلِعُمُومِ الْآيَةِ، وَغَايَتُهُ أَنَّهُ عُدِمَ فِيهِ الْقَصْدُ أَشْبَهَ قَتْلَ الْخَطَأِ.

مَسْأَلَةٌ: إِذَا أَخَذَهُ لِيُدَاوِيَهِ، فَوَدِيعَةٌ، فَلَوْ تَأَكَّلَتْ يَدُهُ، فَلَهُ إِزَالَتُهَا، وَإِنْ أَزْمَنَهُ فَجَزَاؤُهُ، وَلِأَنَّهُ كَتَالِفٍ، وَكَجُرْحٍ تَيَقَّنَ بِهِ مَوْتَهُ، وَقِيلَ: مَا نَقَصَ (وَلَا تَأْثِيرَ لِلْمُحْرِمِ، وَلَا لِلْإِحْرَامِ فِي تَحْرِيمِ حَيَوَانٍ إِنْسِيٍّ) أَيْ: أَهْلِيٍّ مُبَاحٍ إِجْمَاعًا كَبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِصَيْدٍ، وَالْمُحَرَّمُ إِنَّمَا هُوَ الصَّيْدُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ يَتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ بِذَبْحِ ذَلِكَ فِي إِحْرَامِهِ، وَلِهَذَا قَالَ: «أَفْضَلُ الْحَجِّ الْعَجُّ وَالثَّجُّ» (وَلَا مُحَرَّمِ الْأَكْلِ) إِلَّا الْمُتَوَلِّدَ كَالْخَمْسِ الْفَوَاسِقِ الَّتِي أَبَاحَ الشَّارِعُ قَتْلَهَا مُطْلَقًا، وَصَرَّحَ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " وَغَيْرِهِ بِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ قَتْلُ كُلُّ مُؤْذٍ مِنْ حَيَوَانٍ وَطَيْرٍ، وَهُوَ مُرَادُ مَنْ أَبَاحَهُ، وَالْمُرَادُ بِالْغُرَابِ غُرَابُ الْبَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مُحَرَّمُ الْأَكْلِ، وَيَعْدُو عَلَى أَمْوَالِ النَّاسِ. وَظَاهِرُ " الْمُسْتَوْعِبِ " لَا، فَإِنَّهُ مُثِّلَ بِالْغُرَابِ الْأَبْقَعِ فَقَطْ لِلْخَبَرِ الْخَاصِّ فِيهِ، وَرُدَّ بِأَنَّ غَيْرَهُ أَكْثَرُ وَأَصَحُّ وَيَدْخُلُ فِي الْإِبَاحَةِ الْبَازِي وَالصَّقْرُ وَالذُّبَابُ وَالْبَعُوضُ وَالْبَقُّ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، فَأَمَّا مَا لَا يُؤْذِي بِطَبْعِهِ كَالرَّخَمِ، فَكَذَلِكَ، وَلِإِحْرَامِهِ وَيَجُوزُ قَتْلُهُ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: يَحْرُمُ، وَلِأَصْحَابِنَا فِي النَّمْلِ وَجْهَانِ نَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا بَأْسَ بِقَتْلِ الذَّرِّ، وَنَقَلَ مُهَنَّا: يَقْتُلُ النَّمْلَةَ إِذَا عَضَّتْهُ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: فِيهَا لُقْمَةٌ أَوْ تَمْرَةٌ إِذَا لَمْ تُؤْذِهِ قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": وَيَتَخَرَّجُ فِي النَّحْلَةِ كَذَلِكَ، وَلَا شَيْءَ فِي ضِفْدَعٍ، وَجَعَلَ فِيهِ ابْنُ أَبِي مُوسَى حُكُومَةً، وَلَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا أَبَاحَهُ الشَّارِعُ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ قَتْلُهُ كَمَا أَنَّ الْأَسْوَدَ الْبَهِيمَ مُبَاحٌ قَتْلُهُ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ (إِلَّا الْقَمْلَ) عَلَى الْمُحْرِمِ (فِي رِوَايَةٍ) فَإِنَّهُ يَحْرُمُ قَتْلُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ؛ لِأَنَّهُ يَتَرَفَّهُ بِإِزَالَتِهِ فَحَرُمَ كَقَطْعِ الشَّعْرِ، (وَأَيُّ شَيْءٍ تُصُدِّقَ بِهِ كَانَ خَيْرًا مِنْهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ بِهِ أَثَرٌ، وَعَنْهُ: لَا شَيْءَ فِيهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>