للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

كَانَ يَقُولُ: «لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ، وَلَا يُنْكِحُ، وَلَا يَخْطُبُ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَا عَلَى غَيْرِهِ» . رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَرَفَعَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَوْ يُزَوِّجَ مُحْرِمَةً أَوْ يَكُونَ وَكِيلًا أَوْ وَلِيًّا نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَسَوَاءٌ تَعَمَّدَ أَوْ لَا، وَأَجَازَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ لِرِوَايَتِهِ أَنَّهُ - «- عَلَيْهِ السَّلَامُ - تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ، وَهُوَ مُحْرِمٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِأَحْمَدَ، وَالنَّسَائِيِّ: وَهُمَا مُحْرِمَانِ، وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ مَلَكَ بِهِ الِاسْتِمْتَاعَ فَلَمْ يُحَرِّمْهُ الْإِحْرَامُ كَشِرَاءِ الْإِمَاءِ.

وَجَوَابُهُ: مَا رَوَى يَزِيدُ عَنْ مَيْمُونَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَزَوَّجَهَا حَلَالًا، وَبَنَى بِهَا حَلَالًا، وَمَاتَتْ بِسَرِفَ» إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ غَرِيبٌ، وَلِمُسْلِمٍ عَنْ يَزِيدَ بن الأصم عَنْ مَيْمُونَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَزَوَّجَهَا وَهُوَ حَلَالٌ، وَكَانَتْ خَالَتِي، وَخَالَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ» . وَعَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ حَلَالًا، وَبَنَى بِهَا حَلَالًا، وَكُنْتُ الرَّسُولَ بَيْنَهُمَا» إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ، وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ: وَهَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَفِي رِوَايَةٍ: وَهِمَ، رَوَاهُمَا الشَّافِعِيُّ.

وَبِالْجُمْلَةِ فَقِصَّةُ مَيْمُونَةَ مُخْتَلِفَةٌ، وَرِوَايَةُ الْحِلِّ أَكْثَرُ، وَفِيهَا صَاحِبُ الْقِصَّةِ، وَالسَّفِيرُ فِيهَا، وَلَا مَطْعَنَ فِيهَا مَعَ مُوَافَقَتِهَا لِمَا تَقَدَّمَ، وَفِيهَا زِيَادَةٌ مَعَ صِغَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِذَنْ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِهِ: وَهُوَ مُحْرِمٌ أَيْ: فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ أَوِ الْبَلَدِ الْحَرَامِ كَقَوْلِهِمْ: قُتِلَ عُثْمَانُ مُحْرِمًا، أَوْ تَزَوَّجَهَا حَلَالًا، وَظَهَرَ تَزْوِيجُهَا وَهُوَ مُحْرِمٌ. ثُمَّ لَوْ وَقَعَ التَّعَارُضُ فَحَدِيثُنَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذَلِكَ فِعْلُهُ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ خَاصًّا بِهِ، وَعَلَيْهِ عَمَلُ الْخُلَفَاءِ، وَعَقْدُ النِّكَاحِ يُخَالِفُ شِرَاءَ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ بِالْعِدَّةِ، وَالرِّدَّةِ، وَاخْتِلَافُ الدِّينِ، وَكَوْنِ الْمَنْكُوحَةِ أُخْتًا لَهُ مِنَ الرِّضَاعِ، وَالنِّكَاحُ يُرَادُ بِهِ الْوَطْءُ غَالِبًا، بِخِلَافِ شِرَاءِ الْأَمَةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>