بَعْدَهُ، وَمَنْ مَسَحَ مُسَافِرًا، ثُمَّ أَقَامَ أَتَمَّ مَسْحَ مُقِيمٍ، وَإِنْ مَسَحَ مُقِيمًا ثُمَّ سَافَرَ، أَوْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مِنَ الْحَدَثِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ أَوْ ثَلَاثَةٌ إِنْ كَانَ مُسَافِرًا، وَلَمْ يَمْسَحْ، انْقَضَتِ الْمُدَّةُ، وَمَا لَمْ يُحْدِثْ لَا تُحْتَسَبُ الْمُدَّةُ، فَلَوْ بَقِيَ بَعْدَ لُبْسِهِ يَوْمًا عَلَى طَهَارَةِ اللُّبْسِ، ثُمَّ أَحْدَثَ، اسْتَبَاحَ بَعْدَ الْحَدَثِ الْمُدَّةَ (وَعَنْهُ: مِنَ الْمَسْحِ بَعْدَهُ) رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: امْسَحْ إِلَى مِثْلِ سَاعَتِكَ الَّتِي مَسَحْتَ فِيهَا. خَرَّجَهُ الْخَلَّالُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، لِظَاهِرِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «يَمْسَحُ الْمُسَافِرُ ثَلَاثًا» فَلَوْ كَانَ أَوَّلُهُ الْحَدَثَ لَمْ يُتَصَوَّرْ، إِذِ الْحَدَثُ لَا بُدَّ أَنْ يَسْبِقَ الْمَسْحَ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى وَقْتِ جَوَازِ الْمَسْحِ، وَأَمَّا تَقْدِيرُهُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ فَلَا يَصِحُّ، لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَدَّرَهُ بِالْوَقْتِ دُونَ الْفِعْلِ، فَعَلَى هَذَا يُمْكِنُ الْمُقِيمُ أَنْ يُصَلِّيَ بِالْمَسْحِ سِتَّ صَلَوَاتٍ، يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ، ثُمَّ يَمْسَحُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، وَيُصَلِّيهَا فِيهِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا، وَإِنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ يُبِيحُ الْجَمْعَ أَمْكَنَهُ أَنْ يُصَلِّيَ سَبْعَ صَلَوَاتٍ، وَالْمُسَافِرُ أَنْ يُصَلِّيَ سِتَّ عَشْرَةَ صَلَاةً، وَإِنْ جَمَعَ فَسَبْعَ عَشْرَةَ صَلَاةً.
(وَمَنْ مَسَحَ مُسَافِرًا ثُمَّ أَقَامَ أَتَمَّ مَسْحَ مُقِيمٍ) كَمَا فِي " الْمُغْنِي " و" الشَّرْحِ ": بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ تَخْتَلِفُ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، فَإِذَا وُجِدَ أَحَدُ طَرَفَيْهَا فِي الْحَضَرِ غَلَبَ حُكْمُهُ، وَلَوْ تَلَبَّسَ بِصَلَاةٍ فِي سَفِينَةٍ، فَدَخَلَتِ الْإِقَامَةُ فِي أَثْنَائِهَا بَطُلَتْ، قَالَ فِي " الرِّعَايَةِ ": فِي الْأَشْهَرِ، وَقَوْلُهُ: أَتَمَّ مَسْحَ مُقِيمٍ مُرَادُهُ: إِذَا لَمْ يَسْتَكْمِلْ مُدَّةَ الْإِقَامَةِ، فَإِنِ اسْتَكْمَلَهَا خَلَعَ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ لِتَغْلِيبِ جَانِبِ الْحَضَرِ، وَذَكَرَ الشِّيرَازِيُّ أَنَّهُ إِذَا مَسَحَ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، ثُمَّ أَقَامَ أَتَمَّ مَسْحَ مُسَافِرٍ (وَإِنْ مَسَحَ مُقِيمًا ثُمَّ سَافَرَ) أَتَمَّ مَسْحَ مُقِيمٍ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَابْنُ أَبِي مُوسَى، وَالْأَكْثَرُ، لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَغْلِيبِ جَانِبِ الْحَضَرِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْحَضَرِ أَوْ لَا، وَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْمَسَائِلِ الَّتِي أُقِيمَ فِيهَا الزَّمَانُ مَقَامَ الْفِعْلِ، كَمَا إِذَا رَهَنَهُ أَوْ وَهَبَهُ شَيْئًا عِنْدَهُ، وَأَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهِ، وَمَضَى زَمَنُ إِمْكَانِهِ صَارَ كَالْمَقْبُوضِ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَتَوَجَّهُ أَنْ يُقَالَ: إِنْ صَلَّى بِطَهَارَةِ الْمَسْحِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute