بَيْنَ ثَوْرٍ إِلَى عَيْرٍ، وَجَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَوْلَ الْمَدِينَةِ اثْنَيْ عَشَرَ مِيلًا حِمًى.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَالْمُؤَلِّفُ نَفْسُهُ يَقُولُهُ.
(مَا بَيْنَ ثَوْرٍ إِلَى عَيْرٍ) لِمَا رَوَى عَلَيٌّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «حَرَمُ الْمَدِينَةِ مَا بَيْنَ ثَوْرٍ إِلَى عَيْرٍ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. قَالَ عِيَاضٌ: أَكْثَرُ رُوَاةِ الْبُخَارِيِّ ذَكَرُوا عَيْرًا، فَأَمَّا ثَوْرٌ، فَمِنْهُمْ مَنْ كَنَّى عَنْهُ بِكَذَا، وَمِنْهُمْ مَنْ تَرَكَ مَكَانَهُ بَيَاضًا، لِأَنَّهُمُ اعْتَقَدُوا ذِكْرَ ثَوْرٍ خَطَأً قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَصْلُ الْحَدِيثِ «مِنْ عَيْرٍ إِلَى أُحُدٍ» وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الرِّوَايَةَ صَحِيحَةٌ، وَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ، حَرَمُ الْمَدِينَةِ قَدْرُ مَا بَيْنَ ثَوْرٍ وَعَيْرٍ مِنْ مَكَّةَ، وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ، وَمَنَعَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ وَجُودَهُمَا بِالْمَدِينَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ عَيْرًا جَبَلٌ مَعْرُوفٌ بِهَا وَكَذَا ثَوْرٌ، وَهُوَ جَبَلٌ خَلْفَ أُحُدٍ كَمَا أَخْبَرَ بِهِ الثِّقَاتُ، يُؤَيِّدُهُ الْخَبَرُ الصَّحِيحُ ( «وَجَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَوْلَ الْمَدِينَةِ اثْنَيْ عَشَرَ مِيلًا حِمًى» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
تَذْنِيبٌ: مَكَّةُ أَفْضَلُ مِنَ الْمَدِينَةِ نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ لِمَا رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْحَمْرَاءِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ فِي سُوقِ مَكَّةَ: «وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ، وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ، وَلِمُضَاعَفَةِ الصَّلَاةِ.
وَعَنْهُ: الْمَدِينَةُ أَفْضَلُ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَغَيْرُهُ، قَالَ: فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ: وَسُئِلَ عَنِ الْمُقَامِ بِمَكَّةَ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ: بِالْمَدِينَةِ لِمَنْ قَوِيَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا مُهَاجَرُ الْمُسْلِمِينَ.
وَعَنْ رَافِعٍ مَرْفُوعًا: «الْمَدِينَةُ خَيْرٌ مِنْ مَكَّةَ» وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى وَقْتِ كَوْنِ مَكَّةَ دَارَ حَرْبٍ، أَوْ عَلَى الْوَقْتِ الَّذِي كَانَ فِيهَا، وَالشَّرْعُ يُؤْخَذُ مِنْهُ، وَكَذَا لَا يُعْرَفُ «اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ أَخْرَجُونِي مِنْ أَحَبِّ الْبِقَاعِ إِلَيَّ فَأَسْكِنِّي فِي أَحَبِّ الْبِقَاعِ إِلَيْكَ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute