وَيَجْبُرُهُ بِدَمٍ وَإِنْ أَحْدَثَ فِي بَعْضِ طَوَافِهِ، أَوْ قَطَعَهُ بِفَصْلٍ طَوِيلٍ ابْتَدَأَهُ، وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا، أَوْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، أَوْ حَضَرَتْ جِنَازَةٌ، صَلَّى وَبَنَى وَيَتَخَرَّجُ أَنَّ الْمُوَالَاةَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَعَنْهُ: يُجْزِئُهُ) ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ عِبَادَةٌ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الِاسْتِقْبَالُ فَلَمْ يُشْتَرَطْ فِيهَا ذَلِكَ كَالسَّعْيِ، (وَيَجْبُرُهُ بِدَمٍ) ؛ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ شَرْطًا فَهُو وَاجِبٌ، وَتَرْكُهُ يُوجِبُهُ. وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ أَمْكَنَهُ الطَّوَافُ بَعْدَ طَوَافِهِ عَلَى الصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَمْ لَا، (وَعَنْهُ: إِنْ لَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ) وَعَنْهُ: يَصِحُّ مِنْ نَاسٍ وَمَعْذُورٍ فَقَطْ. وَعَنْهُ: يَجْبُرُهُ دَمٌ. وَظَاهَرُهُ صِحَّتُهُ مِنْ حَائِضٍ بِدَمٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَأَنَّهُ لَا دَمَ لِعُذْرٍ، وَيَلْزَمُ النَّاسَ فِي الْأَصَحِّ انْتِظَارُهَا لِأَجْلِهِ إِنْ أَمْكَنَ.
فَرْعٌ: إِذَا طَافَ فِيمَا لَا يَجُوزُ لُبْسُهُ صَحَّ، وَفَدَى ذَكَرَهُ الْآجُرُّيُّ.
(وَإِنْ أَحْدَثَ فِي بَعْضِ طَوَافِهِ أَوْ قَطَعَهُ بِفَصْلٍ طَوِيلٍ ابْتَدَأَ) أَمَّا أَوَّلًا، فَلِأَنَّ الطَّهَارَةَ شَرْطٌ، فَأَبْطَلَهُ الْحَدَثُ كَالصَّلَاةِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الْعَمْدِ، فَإِنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ تَطَهَّرَ، وَابْتَدَأَ فِي رِوَايَةٍ، وَجَزَمَ بِهَا الْمُؤَلِّفُ وَغَيْرُهُ، وَفِيهِ رِوَايَاتُ الصَّلَاةِ ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ. وَمَحَلُّهُ - كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ " الشَّرْحِ " - فِي طَوَافِ الْفَرْضِ، فَأَمَّا النَّفْلُ فَلَا تَجِبُ إِعَادَتُهُ كَالصَّلَاةِ، وَأَمَا ثَانِيًا، فَلِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَالَى بَيْنَ طَوَافِهِ، وَقَالَ: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» فَعُلِمَ أَنَّ الْمُوَالَاةَ شَرْطٌ فِيهِ فَمَتَى قَطَعَهُ بفصل طويل ابْتَدَأَهُ سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا أَوْ سَهَوًا، مِثْلَ أَنْ يَتْرُكَ شَوْطًا مِنْهُ يَظُنُّ أَنَّهُ قَدْ أَتَمَّ، وَالْمَرْجِعُ فِي طُولِ الْفَصْلِ وَقِصَرِهِ إِلَى الْعُرْفِ كَالْحِرْزِ، وَالْقَبْضِ (وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا) بَنَى؛ لِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ بِمِثْلِهِ لِمَا فِي الِاتِّصَالِ مِنَ الْمَشَقَّةِ فَعُفِيَ عَنْهُ: (أَوْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ أَوْ حَضَرَتْ جِنَازَةٌ صَلَّى) فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ لِعُمُومِ قَوْلِهِ: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ» ، وَالطَّوَافُ صَلَاةٌ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَسَالِمٍ وَعَطَاءٍ، وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ فِي عَصْرِهِمْ، وَلِأَنَّ الْجِنَازَةَ صَلَاةٌ تَفُوتُ بِالتَّشَاغُلِ بِالطَّوَافِ، وَهِيَ أَوْلَى مِنْ قَطْعِهِ لَهَا بِالْمَكْتُوبَةِ لِعَدَمِ فَوَاتِهَا بِهِ، (وَبَنَى)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute