للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْمَرْوَةِ، لَمْ يَحْتَسِبْ بِذَلِكَ الشَّوْطِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْعَى طَاهِرًا مُسْتَتِرًا مُتَوَالِيًا، وَعَنْهُ: أَنَّ ذَلِكَ مِنْ شَرَائِطِهِ، وَالْمَرْأَةُ لَا تَرْقَاهُ وَلَا تَرَمَلَ. وَإِذَا فَرَغَ مِنَ السَّعْيِ، فَإِنْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

عَمَّا تَعْلَمُ وَأَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ. وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ مَرْفُوعًا: «إِنَّمَا جُعِلَ السَّعْيُ بَيْنَهُمَا لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ - تَعَالَى» وَيَجِبُ اسْتِيعَابُ مَا بَيْنَهُمَا فَيُلْصِقُ عَقِبَهُ بِأَصْلِهِمَا، فَلَوْ تَرَكَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، وَلَوْ ذِرَاعًا لَمْ يُجْزِئْهُ حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَرْقَى كَمَا مَرَّ (يَفْتَتِحُ بِالصَّفَا) لِقَوْلِهِ «نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَرَأَ الْآيَةَ، وَقَالَ: نَبْدَأُ بِالصَّفَا اتَّبِعُوا الْقُرْآنَ فَمَا بَدَأَ بِهِ الْقُرْآنُ فَابْدَءُوا بِهِ وَيَخْتِمُ بِالْمَرْوَةِ لِقَوْلِ جَابِرٍ: فَلَمَّا كَانَ آخِرَ طَوَافِهِ قَالَ: «لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقِ الْهَدْيَ، وَلَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً» ، وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنَ الْبُدَاءَةِ بِهِ الْخَتْمُ بِهَا (فَإِنْ بَدَأَ بِالْمَرْوَةِ، لَمْ يَحْتَسِبْ بِذَلِكَ الشَّوْطِ) لِمُخَالَفَةِ فِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمْرِهِ. فَعَلَى هَذَا إِذَا صَارَ إِلَى الصَّفَا اعْتَدَّ بِمَا يَأْتِي بَعْدَهُ.

(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْعَى طَاهِرًا) مِنَ الْحَدَثِ وَالنَّجَاسَةِ كَبَقِيَّةِ الْمَنَاسِكِ فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ، وَلِأَنَّهُ عِبَادَةٌ لَا تَتَعَلَّقُ بِالْبَيْتِ كَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ (مُسْتَتِرًا) ؛ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَشْتَرِطِ الطَّهَارَةَ مَعَ آكَدِيَّتِهَا فَغَيْرُهَا أَوْلَى (مُتَوَالِيًا) فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْبَيْتِ، فَلَمْ يَشْتَرِطْ لَهُ الْمُوَالَاةَ كَالرَّمْيِ وَالْحَلْقِ، (وَعَنْهُ: أَنَّ ذَلِكَ مِنْ شَرَائِطِهِ) وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي الْمُوَالَاةِ؛ لِأَنَّ السَّعْيَ أَحَدُ الطَّوَافَيْنِ فَاشْتَرَطَ فِيهِ ذَلِكَ كَالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ. قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": وَلَا عَمَلَ عَلَيْهِ.

تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُهُ أَنَّ السَّعْيَ بَعْدَ الطَّوَافِ، فَلَوْ عَكَسَ لَمْ يُجْزِئْهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: بَلَى سَهْوًا وَجَهْلًا، وَعَنْهُ: مُطْلَقًا، وَعَنْهُ: مَعَ دَمٍ، وَفِي شَرْطِ النِّيَّةِ قَالَهُ فِي " الْمَذْهَبِ " وَ " الْمُحَرَّرِ " وَزَادَ: وَأَنْ لَا يُقَدِّمَهُ عَلَى أَشْهُرِ الْحَجِّ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ خِلَافُهُمَا، وَصَرَّحَ بِهِ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْأَخِيرَةِ أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ مَنْعُهُ عَنْ أَحْمَدَ.

(وَالْمَرْأَةُ لَا تَرْقَاهُ) لِئَلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>