مِنْ هَذَا الْوَقْتِ وَلَوْ لَحْظَةً وَهُوَ مُسْلِمٌ بَالِغٌ عَاقِلٌ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ، وَمَنْ فَاتَهُ ذَلِكَ، فَاتَهُ الْحَجُّ. وَمَنْ وَقَفَ بِهَا نَهَارًا وَدَفَعَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَعَلَيْهِ دَمٌ وَإِنْ وَافَاهَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَلَفَظُهُ لَهُ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ كَافَّةِ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ، وَلِأَنَّ مَا قَبْلَ الزَّوَالِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، فَكَانَ وَقْتًا لِلْوُقُوفِ كَمَا بَعْدَ الزَّوَالِ، وَتَرْكُ الْوُقُوفِ فِيهِ لَا يَمْنَعُ كَوْنَهُ وَقْتًا كَمَا بَعْدَ الْعِشَاءِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ وَقْتُ الْفَضِيلَةِ، وَقَالَ ابْنُ بَطَّةَ وَأَبُو حَفَصٍ الْعُكْبَرِيُّ، وَهُوَ رِوَايَةٌ: أَوَّلُهُ مِنَ الزَّوَالِ يَوْمَ عَرَفَةَ، وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْقُرْطُبِيُّ إِجْمَاعًا، وَفِيهِ نَظَرٌ.
(فَمَنْ حَصَّلَ بِعَرَفَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا الْوَقْتِ، وَلَوْ لَحْظَةً، وَهُوَ مُسْلِمٌ بَالِغٌ عَاقِلٌ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ) سَوَاءٌ كَانَ جَالِسًا أَوْ قَائِمًا رَاكِبًا أَوْ رَاجِلًا، وَلَوْ نَائِمًا، صَحَّحَهُ صَاحِبُ " التَّلْخِيصِ " وَجَزَمَ بِهِ الْمُؤَلِّفُ، أَوْ مَارًّا مُجْتَازًا وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا عَرَفَةُ فِي الْأَصَحِّ، فَلَا يَصِحُّ مِنْ سَكْرَانِ، وَمُغْمًى عَلَيْهِ فِي الْمَنْصُوصِ بِخِلَافِ إِحْرَامٍ وَطَوَافٍ.
وَيَتَوَجَّهُ: فِي سَعْيٍ مِثْلُهُ، وَلَا مَجْنُونٍ بِخِلَافِ رَمْيِ جِمَارٍ وَمَبِيتٍ (وَمَنْ فَاتَهُ ذَلِكَ فَاتَهُ الْحَجُّ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، وَسَنَدُهُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْحَجُّ عَرَفَةُ فَمَنْ جَاءَ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ لَيْلَةَ جَمْعٍ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَلِأَنَّهُ رَكَنٌ لِلْعِبَادَةِ فَلَمْ يَتِمُّ بِدُونِهِ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ.
فَرْعٌ: إِذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَوْقِفِ مِقْدَارُ صَلَاةٍ، صَلَّاهَا صَلَاةَ خَائِفٍ فِي الْأَظْهَرِ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَقِيلَ: يُقَدِّمُ الصَّلَاةَ، وَقِيلَ: عَكْسُهُ، (وَمَنْ وَقَفَ بِهَا) أَيْ: بِعَرَفَةَ نَهَارًا، (وَوَقَعَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَعَلَيْهِ دَمٌ) أَيْ: يَجِبُ عَلَيْهِ الْوُقُوفُ بِهَا إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ لِيَجْمَعَ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فِي ذَلِكَ، «لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَفَ بِهَا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَقَالَ: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» . وَظَاهِرُهُ صِحَّةُ حَجِّهِ فِي قَوْلِ الْجَمَاهِيرِ إِلَّا مَالِكًا فَإِنَّهُ قَالَ: لَا حَجَّ لَهُ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute