للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَمْسٌ فَإِنْ أَخَلَّ بِحَصَاةٍ وَاجِبَةٍ مِنَ الْأُولَى، لَمْ يَصِحَّ رَمْيُ الثَّانِيَةِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مِنْ أَيِّ الْجَمَرَاتِ تَرَكَهَا، بَنَى عَلَى الْيَقِينِ. وَإِنْ أَخَّرَ الرَّمْيَ كُلَّهُ، فَرَمَاهُ فِي آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، أَجْزَأَهُ، وَيُرَتِّبُهُ بِنْيَتِهِ، وَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَوْ تَرَكَ الْمَبِيتَ بِمِنًى مِنْ لَيَالِيَهَا، فَعَلَيْهِ دَمٌ وَفِي حَصَاةٍ أَوْ لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ مَا فِي حَلْقِ شَعْرَةٍ، وَلَيْسَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَائِشَةَ، وَفِعْلُهُ خَرَجَ بَيَانًا لِصِفَةِ الرَّمْيِ الْمَشْرُوعِ (وَالْأُخْرَى: يُجْزِئُهُ خَمْسٌ) إِذِ الْأَكْثَرُ يُعْطَى حُكْمَ الْكُلِّ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ الصَّحَابَةِ التَّسَاهُلُ فِي الْبَعْضِ. وَعَنْهُ: سِتٌّ، لِمَا رَوَى سَعْدٌ قَالَ: «رَجَعْنَا مِنَ الْحَجَّةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْضُنَا يَقُولُ: رَمَيْتُ بِسِتٍّ، وَبَعْضٌ يَقُولُ: رَمَيْتُ بِسَبْعٍ فَلَمْ يَعِبْ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ» . رَوَاهُ الْأَثْرَمُ. وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ مَعْنَاهُ (فَإِنْ أَخَلَّ بِحَصَاةٍ وَاجِبَةٍ مِنَ الْأُولَى، لَمْ يَصِحَّ رَمْيُ الثَّانِيَةِ) لِإِخْلَالِهِ بِالتَّرْتِيبِ الْمُشْتَرَطِ، فَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ وَاجِبَةٍ لَمْ يُؤَثِّرْ (فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مِنْ أَيِّ الْجَمَرَاتِ تَرَكَهَا بَنَى عَلَى الْيَقِينِ) لِيَتَيَقَّنَ بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ كَمَا لَوْ شَكَّ هَلْ صَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا (وَإِنْ أَخَّرَ الرَّمْيَ كُلَّهُ) وَمِنْ جُمْلَتِهِ رَمْيُ يَوْمِ النَّحْرِ (فَرَمَاهُ فِي آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَجْزَأَهُ) ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الرَّمْيِ فَإِذَا أَخَّرَهُ إِلَى آخِرِ وَقْتِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَمَا لَوْ أَخَّرَ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ إِلَى آخِرِ وَقْتِهِ، لَكِنَّهُ تَرَكَ السُّنَّةَ، وَيَكُونُ أَدَاءً؛ لِأَنَّهُ وَقْتٌ وَاحِدٌ، وَقِيلَ: قَضَاءٌ، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى الْفِعْلِ لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} [الحج: ٢٩] ، فَلَوْ أَخَّرَ رَمْيَ يَوْمٍ إِلَى الْغَدِ رَمَى رَمْيَيْنِ، نَصَّ عَلَيْهِ، (وَيرتبهُ بِنِيَّتِهِ) وَمَعْنَاهُ أَنْ يَنْوِي الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ؛ لِأَنَّ الرَّمْيَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عِبَادَاتٌ يَجِبُ التَّرْتِيبُ فِيهَا مَعَ فِعْلِهَا فِي أَيَّامِهَا، فَوَجَبَ تَرْتِيبُهَا كَالْمَجْمُوعَتَيْنِ وَالْفَوَاتِ فِي الصَّلَوَاتِ.

(وَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) فَعَلَيْهِ دَمٌ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلِأَنَّهُ تَرَكَ نُسُكًا وَاجِبًا كَمَا لَوْ أَخَّرَ الْإِحْرَامَ عَنِ الْمِيقَاتِ، وَلَا يَأْتِي بِهِ كَالْبَيْتُوتَةِ بِمِنًى (أَوْ تَرَكَ الْمَبِيتَ بِمِنًى مِنْ لَيَالِيَهَا فَعَلَيْهِ دَمٌ) ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ لِوُجُوبِهِ، وَلِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «لَمْ يُرَخِّصِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَحَدٍ يَبِيتُ بِمَكَّةَ إِلَّا الْعَبَّاسَ مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَعَنْهُ: لَا يَجِبُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِذَا رَمَيْتَ الْجَمْرَةَ فَبِتْ حَيْثُ شِئْتَ، وَلِأَنَّهُ قَدْ حَلَّ مِنْ حَجِّهِ فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْمَبِيتُ بِمَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ. (وَعَنْهُ: يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ) نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، قَالَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>