للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتُجْزِئُ الْجَمَّاءُ، وَالْبَتْرَاءُ، وَالْخَصِيُّ، وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ: لَا تُجْزِئُ الْجَمَاءُ، وَالسُّنَّةُ نَحْرُ الْإِبِلِ قَائِمَةً مَعْقُولَةً يَدُهَا الْيُسْرَى، فَيَطْعَنُهَا بِالْحَرْبَةِ فِي الْوَهْدَةِ الَّتِي بَيْنَ أَصْلِ الْعُنُقِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

(وَتُجْزِئُ الْجَمَّاءُ) وَهِيَ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ لَهَا قَرْنٌ لِعَدَمِ النَّهْيِ، وَلِأَنَّهُ لَا يُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ بِخِلَافِ الَّتِي ذَهَبَ أَكْثَرُ أُذُنِهَا، (وَالْبَتْرَاءُ) الَّتِي لَا ذَنَبَ لَهَا، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يُضَحَّى بِهَا، وَقَطَعَ بِهِ فِي " التَّلْخِيصِ "، فَلَوْ كَانَ وَقُطِعَ، فَوَجْهَانِ، وَفِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " أَنَّ الَّذِي قُطِعَ مِنْهَا عُضْوٌ كَالْأَلْيَةِ: لَا تُجْزِئُ، (وَالْخَصِيَّ) بِلَا جَبٍّ ذَكَرَهُ فِي " الْوَجِيزِ " وَ " الْفُرُوعِ "؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ» ، وَعَنْ عَائِشَةَ نَحْوُهُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْمَوْجُوءُ: الْمَرْضُوضُ الْخُصْيَتَانِ سَوَاءٌ قُطِعَتَا أَوْ سُلِتَا، وَلِأَنَّهُ إِذْهَاب عضو غير مُسْتَطَاب بَلْ يَطِيبُ اللَّحْمُ بِزَوَالِهِ وَيَسْمَنُ، بِخِلَافِ شَحْمَةِ الْعَيْنِ، وَفَسَّرَ ابْنُ الْبَنَّا الْخَصِيَّ بِمَنْ قُطِعَ ذَكَرُهُ، وَلَمْ يُوَافَقْ عَلَيْهِ، وَنَصُّهُ: لَا يُجْزِئُ خَصِيٌّ مَجْبُوبٌ (وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: لَا تُجْزِئُ الْجَمَّاءُ) كَالَّتِي ذهب أَكْثَرُ قَرْنِهَا، وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ.

(وَالسُّنَّةُ نَحْرُ الْإِبِلِ) لِلنَّصِّ، وَلِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - (قَائِمَةً مَعْقُولَةً يَدُهَا الْيُسْرَى) قَالَهُ الْأَصْحَابُ؛ لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ مَرَّ عَلَى رَجُلٍ قَدْ أَنَاخَ بَدَنَةً لِيَنْحَرَهَا، فَقَالَ: ابْعَثْهَا قِيَامًا مُقَيَّدَةً سُنَّةُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ - تَعَالَى -: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} [الحج: ٣٦] دَالٌّ عَلَيْهِ مَعَ مَا حَكَاهُ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى -: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} [الحج: ٣٦] أَيْ: قِيَامًا، لَكِنْ قَالَ أَحْمَدُ: إِذَا خَشِيَ عَلَيْهَا، أَنَاخَهَا، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: كَيْفَ شَاءَ بَارِكَةً، وَقَائِمَةً (فَيَطْعَنُهَا بِالْحَرْبَةِ فِي الْوَهْدَةِ) بِسُكُونِ الْهَاءِ، وَهُوَ الْمُطْمَئِنُّ (الَّتِي بَيْنَ أَصْلِ الْعُنُقِ وَالصَّدْرِ) وَلِأَنَّ عُنُقَ الْبَعِيرِ طَوِيلَةٌ، فَلَوْ طَعَنَ بِالْقُرْبِ مِنْ رَأْسِهِ لَحَصَلَ لَهُ تَعْذِيبٌ، عِنْدَ خُرُوجِ رُوحِهِ.

١ -

<<  <  ج: ص:  >  >>