آخِرِ يَوْمَيْنِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَلَا تُجْزِئُ فِي لَيْلَتِهِمَا فِي قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، وَقَالَ غَيْرُهُ:
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْخِرَقِيُّ أَنْ يَمْضِيَ مِنْهُ مِقْدَارُ صَلَاةِ الْعِيدِ وَخُطْبَتُهُ، وَحَكَاهُ بَعْضُهُمْ رِوَايَةً؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ تَتَقَدَّمُ وَتَتَأَخَّرُ، وَقَدْ يَفْعَلُ، وَقَدْ لَا يَفْعَلُ فَأُنِيطَ الْحُكْمُ بِهِ، وَأَمَّا الْمُقِيمُ بِمَوْضِعٍ لَا يَلْزَمُهُ قَدْرُ ذَلِكَ، فَعَلَى الْخِلَافِ، وَفِي " التَّرْغِيبِ " هُوَ كَغَيْرِهِ فِي الْأَصَحِّ، وَاعْتَبَرَ فِي " الْمُغْنِي " أَنْ يَكُونَ قَدْرَ صَلَاةٍ وَخُطْبَةٍ بِآيَتَيْنِ، وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ احْتِمَالًا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ بِمُتَوَسِّطِي النَّاسِ هَذَا كُلُّهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا الْآخَرَانِ فَيَجُوزُ فِي أَوَّلِهِمَا لِدُخُولِ الْوَقْتِ، وَإِذَا اعْتُبِرَ كَصَلَاةِ الْإِمَامِ فَإِذَا صَلَّى فِي الْمُصَلَّى، وَاسْتَخْلَفَ مَنْ صَلَّى بِهِمْ فِي الْمَسْجِدِ فَالْعِبْرَةُ بِالْأَسْبَقِ، فَإِنْ فَاتَ الْعِيدُ بِالزَّوَالِ، ضَحَّى إِذَنْ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَتْبَعُ الصَّلَاةَ قَضَاءً كَمَا يَتْبَعُهُ أَدَاءً مَا لَمْ يُؤَخَّرْ عَنْ أَيَّامِ الذَّبْحِ، فَيَتْبَعُ الْوَقْتَ ضَرُورَةً.
فَرْعٌ: إِذَا ذَبَحَ قَبْلَ وَقْتِهِ صَنَعَ بِهِ مَا شَاءَ، وَقِيلَ: حَكْمُهُ كَأُضْحِيَةٍ (إِلَى آخَرِ يَوْمَيْنِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) قَالَ أَحْمَدُ: أَيَّامُ النَّحْرِ ثَلَاثَةٌ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «نَهَى عَنِ ادِّخَارِ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ» ، وَيَسْتَحِيلُ أَنْ يُبَاحَ ذَبْحُهَا إِلَى وَقْتٍ يَحْرُمُ أَكْلُهَا فِيهِ، وَنَسْخُ أَحَدُ الْحِلَّيْنِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ رَفْعُ الْآخَرِ، وَفِي " الْإِيضَاحِ ": وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: آخِرُهُ آخَرُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أَيَّامُ مِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ، وَأَفْضَلُهُ أَوَّلُ يَوْمٍ، ثُمَّ مَا يَلِيهِ» ، وَخَصَّهَا ابْنُ سِيرِينَ يَوْمَ النَّحْرِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهَا وَظِيفَةُ عِيدٍ، وَقَالَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ فِي أَهْلِ الْأَمْصَارِ، وَأَغْرَبُ مِنْهُ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهَا تَجُوزُ إِلَى الْمُحَرَّمِ.
(وَلَا تُجْزِئُ فِي لَيْلَتِهِمَا فِي قَوْلِ الْخِرَقِيِّ) هُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ، وَجَزَمَ بِهَا فِي " الْوَجِيزِ " لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} [الحج: ٢٨]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute