أَنْ يُبْدِلَهَا بِخَيْرٍ مِنْهَا، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يَجُوزُ أَيْضًا. وَلَهُ رُكُوبُهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
إِزَالَةٌ مِلْكٍ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ، فَلَمْ تُؤَثِّرْ فِيهِ النِّيَّةُ الْمُقَارِنَةُ لِلشِّرَاءِ كَالْعِتْقِ وَالْوَقْفِ، وَقَالَ الْمَجْدُ: ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّهَا تَصِيرُ أُضْحِيَةً إِذَا اشْتَرَاهَا بِنِيَّتِهَا كَمَا يَتَعَيَّنُ الْهَدْيُ بِالْإِشْعَارِ.
فَرْعٌ: إِذَا قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ ذَبْحُ هَذِهِ الشَّاةِ، ثُمَّ أَتْلَفَهَا ضَمِنَهَا لِبَقَاءِ الْمُسْتَحِقِّ لَهَا، وَإِنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنَّ أُعْتِقَ هَذَا الْعَبْدَ، ثُمَّ أَتْلَفَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنَ الْعِتْقِ تَكْمِيلُ الْأَحْكَامِ، وَهُوَ حَقٌّ لِلْعَبْدِ، وَقَدْ هَلَكَ.
(وَإِذَا تَعَيَّنَتْ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا وَلَا هِبَتُهَا) ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «نَهَى أَنْ يُعْطَى الْجَازِرُ شَيْئًا مِنْهَا» ، فَلَأَنْ يُمْنَعُ مِنْ بَيْعِهَا مِنْ بَابٍ أَوْلَى، وَلِأَنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ لِلَّهِ - تَعَالَى - أَشْبَهَ الْعِتْقَ وَالْوَقْتَ، وَالْمَذْهَبُ كَمَا نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ: أَنَّهُ يَجُوزُ نَقْلُ الْمِلْكِ فِيهِ، وَشِرَاءُ خَيْرٍ مِنْه، وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أَشْرَكَ عَلِيًّا فِي هَدْيِهِ» ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنْهُمَا، وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ الْإِبْدَالُ فَكَذَا الْبَيْعُ، وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَا، وَأَجَابُوا بِأَنَّهَا تَعَيَّنَ ذَبْحُهَا، فَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا كَمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَذْبَحَهَا بِعَيْنِهَا، وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ إِبْدَالُ الْمُصْحَفِ دُونَ بَيْعِهِ، وَعَنِ الْحَدِيثِ، بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَشْرَكَهُ فِيهِ قَبْلَ إِيجَابِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ جَاءَ بِبُدْنٍ فَاشْتَرَكَا فِي الْجَمِيعِ، أَوْ أَشْرَكَهُ فِي ثَوَابِهَا.
(إِلَّا أَنْ يُبْدِلَهَا بِخَيْرٍ مِنْهَا) نَصَّ عَلَيْهِ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْمُؤَلِّفُ وَصَاحِبُ " الْمُنْتَخَبِ "
نَظَرًا لِمَصْلَحَةِ الْفُقَرَاءِ
، وَلِأَنَّهُ بِلَا رَيْبٍ عَدَلَ عَنِ الْمُعَيَّنِ إِلَى خَيْرٍ مِنْهُ فِي حَقِّهِ، فَجَازَ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ حِقَّةً عَنْ بِنْتِ لَبُوْنٍ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِدُونِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ حُرْمَتِهَا، وَلَا بِمِثْلِهَا، وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ، لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ. وَالثَّانِي: يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ لَمْ يَنْقُصْ، وَحَيْثُ جَازَ بَيْعُهَا، فَهَلْ ذَلِكَ لِمَنْ يُضَحِّي كَمَا قَالَهُ الشِّيرَازِيُّ، وَصَاحِبُ " التَّلْخِيصِ " أَوْ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي؛ فِيهِ قَوْلَانِ، وَعَلَيْهِمَا يَشْتَرِي خَيْرًا مِنْهَا قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَحَكَى الْمُؤَلِّفُ عَنِ الْقَاضِي أَنَّهُ يَجُوزُ شِرَاءُ مِثْلِهَا (وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يَجُوزُ أَيْضًا) لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ قَالَ: «أَهْدَى عُمَرُ نَجِيبًا فَأَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إِنِّي أَهْدَيْتُ نَجِيبًا فَأَبِيعُهَا وَأَشْتَرِي بِثَمَنِهَا بُدْنًا؟ قَالَ: لَا انْحَرْهَا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ فِي " تَارِيخِهِ " وَلِأَنَّهُ نَوْعُ تَصَرُّفٍ، فَلَمْ يَجُزْ كَالْبَيْعِ، وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلٍ، وَهُوَ أَنَّهُ إِذَا أَوْجَبَ أُضْحِيَةً، لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهَا، نَصَّ عَلَيْهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute