الصَّدَقَةِ بِثَمَنِهَا، وَالسُّنَّةُ أَنْ يَأْكُلَ ثُلُثَهَا، وَيَهْدِيَ ثُلُثَهَا، وَيَتَصَدَّقَ بِثُلُثِهَا، فَإِنْ أَكَلَ أَكْثَرَ جَازَ، وَإِنْ أَكَلَهَا كُلَّهَا ضَمِنَ أَقَلَّ مَا يُجْزِئُ الصَّدَقَةَ مِنْهَا. وَمَنْ أَرَادَ أَنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَصْلٌ: الْمُضَحِّي مُسْلِمٌ تَامٌّ مِلْكُهُ، وَلَوْ مُكَاتَبًا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَفِيهِ وَجْهٌ بِمَنْعِهِ؛ لِأَنَّهُ تَبَرَّعَ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ، وَمَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ، إِنْ مَلَكَهَا بِجُزْئِهِ الْحُرِّ، فَلَهُ أَنْ يُضَحِّيَ مُطْلَقًا إِلَّا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَتْ عَلَيْهِ وَاجِبَةً.
(وَلَا تَجِبُ إِلَّا بِالنَّذْرِ) كَالْهَدْيِ، وَلَهُ الْأَكْلُ مِنْهَا، جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ. وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ مَنْعُهُ مِنْهُ كَالْهَدْيِ الْمَنْذُورِ، وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ (وَذَبْحُهَا هِيَ وَالْعَقِيقَةُ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ بِثَمَنِهَا) لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَالْخُلَفَاءَ بَعْدَهُ وَاظَبُوا عَلَيْهَا، وَعَدَلُوا عَنِ الصَّدَقَةِ بِثَمَنِهَا، وَهُمْ لَا يُوَاظِبُونَ إِلَّا عَلَى الْأَفْضَلِ، وَهِيَ عَنْ مَيِّتٍ أَفْضَلُ، وَيُعْمَلُ بِهَا كَأُضْحِيَّةِ الْحَيِّ.
(وَالسُّنَّةُ أَنْ يَأْكُلَ ثُلُثَهَا، وَيُهْدِيَ ثُلُثَهَا، وَيَتَصَدَّقَ بِثُلُثِهَا) ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ: الْهَدَايَا وَالضَّحَايَا ثُلُثٌ لَكَ وَثُلُثٌ لِأَهْلِكَ وَثُلُثٌ لِلْمَسَاكِينِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمَا مُخَالِفٌ فِي الصَّحَابَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: ٣٦] فَالْقَانِعُ: السَّائِلُ، وَالْمُعْتَرُّ: الَّذِي يَعْتَرُّ بِكَ أَيْ: يَتَعَرَّضُ لَكَ لِتُطْعِمَهُ وَلَا يَسْأَلُ، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ وَقَتَادَةُ: الْقَانِعُ: الْجَالِسُ فِي بَيْتِهِ الْمُتَعَفِّفُ يَقْنَعُ بِمَا يُعْطَى، وَلَا يَسْأَلُ، وَالْمُعْتَرُّ: السَّائِلُ. وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. فَيُقَسَّمُ أَثْلَاثًا، وَأَوْجَبَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَالْمَشْرُوعُ أَنْ يَأْكُلَ الثُّلُثَ، وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهَا وَأَنْ يُهْدِيَ الثُّلُثَ، وَلَوْ لِكَافِرٍ إِنْ كَانَتْ تَطَوُّعًا، وَأَنْ يَتَصَدَّقَ بِثُلُثِهَا مَا لَمْ يَكُنْ لِيَتِيمٍ وَمُكَاتَبٍ. (فَإِنْ أَكَلَ أَكْثَرَ جَازَ) حَتَّى لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلَّا أُوقِيَّةٌ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْأَكْلِ وَالْإِطْعَامِ مُطْلَقٌ، فَيَخْرُجُ عَنِ الْعُهْدَةِ بِصَدَقَةِ الْأَقَلِّ (وَإِنْ أَكَلَهَا كُلَّهَا، ضَمِنَ أَقَلَّ مَا يُجْزِئُ مِنَ الصَّدَقَةِ مِنْهَا) لِلْأَمْرِ بِالْإِطْعَامِ مِنْهَا. فَعَلَى هَذَا يَضْمَنُهُ بِمِثْلِهِ لَحْمًا، وَهُوَ الْأُوقِيَّةُ، وَقِيلَ: الْعَادَةُ، وَقِيلَ: الثُّلُثُ، وَحَكَاهُ أَبُو الْخَطَّابِ مَنْصُوصَ أَحْمَدَ، وَيَتَوَجَّهُ: لَا يَكْفِي التَّصَدُّقُ بِالْجِلْدِ وَالْقَرْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute