. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَيُقِيمُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وَعَلَيْهِ تُحْمَلُ الْأَوَامِرُ الْمُطْلَقَةُ.
وَالْفَرْضُ فِي ذَلِكَ مَوْقُوفٌ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ، فَإِذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْغَيْرَ يَقُومُ بِهِ، كَجُنْدٍ لَهُمْ دِيوَانٌ، وَفِيهِمْ كِفَايَةٌ، أَوْ قَوْمٍ أَعَدُّوا أَنْفُسَهُمْ لِذَلِكَ وَفِيهِمْ مَنَعَةٌ؛ سَقَطَ عَنِ الْبَاقِينَ.
فَرْعٌ: إِذَا قَامَ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ طَائِفَةٌ بَعْدَ أُخْرَى فَهَلْ تُوصَفُ الثَّانِيَةُ بِالْفَرْضِيَّةِ؛ فِيهِ وَجْهَانِ. وَكَلَامُ ابْنِ عَقِيلٍ يَقْتَضِي أَنَّ فَرْضِيَّتَهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ، وَكَلَامُ أَحْمَدَ مُحْتَمَلٌ (وَلَا يَجِبُ إِلَّا عَلَى ذَكَرٍ) لِمَا رَوَتْهُ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: قُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ عَلَى النِّسَاءِ جِهَادٌ؛ قَالَ: جِهَادٌ لَا قِتَالَ فِيهِ الْحَجُّ، وَالْعُمْرَةُ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ لِضَعْفِهَا وَخَوْفِهَا، وَلِذَلِكَ لَا يُسْهَمُ لَهَا. وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ كَهِيَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ حَالُهُ فَلَا يَجِبُ مَعَ الشَّكِّ فِي شَرْطِهِ (حُرٌّ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُبَايِعُ الْحُرَّ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْجِهَادِ، وَالْعَبْدَ عَلَى الْإِسْلَامِ دُونَ الْجِهَادِ، وَلِأَنَّهُ عِبَادَةٌ تَتَعَلَّقُ بِقَطْعِ مَسَافَةٍ، فَلَمْ تَجِبْ عَلَى الْعَبْدِ، وَفَرْضُ الْكِفَايَةِ لَا يَلْزَمُ رَقِيقًا. وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مُبَعَّضًا وَمُكَاتَبًا، رِعَايَةً لِحَقِّ السَّيِّدِ، وَسَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ أَمْ لَا.
(مُكَلَّفٌ) لِأَنَّ الصَّبِيَّ، وَالْمَجْنُونَ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُمَا، وَالْكَافِرُ غَيْرُ مَأْمُونٍ عَلَى الْجِهَادِ (مُسْتَطِيعٌ) بِنَفْسِهِ، لِأَنَّ غَيْرَ الْمُسْتَطِيعِ عَاجِزٌ، وَالْعَجْزُ يَنْفِي الْوُجُوبَ.
ثُمَّ فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ (وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي بَدَنِهِ) مِنَ الْمَرَضِ، وَالْعَمَى، وَالْعَرَجِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} [الفتح: ١٧] ، وَلِأَنَّ هَذِهِ الْأَعْذَارَ تَمْنَعُهُ مِنَ الْجِهَادِ، فَفِي الْعَمَى ظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْعَرَجُ فَالْمَانِعُ مِنْهُ الْفَاحِشُ الَّذِي يَمْنَعُ الْمَشْيَ الْجَيِّدَ، وَالرُّكُوبَ فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَا يَمْنَعُهُ الْمَشْيَ فَصَرَّحَ فِي " الشَّرْحِ " بِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْوُجُوبَ، وَذَكَرَهُ فِي " الْمَذْهَبِ " قَوْلًا، وَفِي " الْبُلْغَةِ ": يَلْزَمُ أَعْرَجَ يَسِيرًا. وَكَذَا حُكْمُ الْمَرَضِ، لَكِنْ إِنْ كَانَ خَفِيفًا كَوَجَعِ الضِّرْسِ، وَالصُّدَاعِ، فَلَا، كَالْعَوَرِ، وَعَنْهُ: يَلْزَمُ عَاجِزًا بِبَدَنِهِ فِي مَالِهِ، اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ كَحَجِّ مَعْضُوبٍ وَأَوْلَى (الْوَاجِدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute