للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ يَوْمٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَنَازِلِ» .

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

«مَنْ رَابَطَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الرِّبَاطَ» . رَوَاهُ سَعِيدٌ.

وَإِنْ زَادَ فَلَهُ أَجْرُهُ، وَأَمَّا أَقَلُّهُ فَقَالَ الْمَجْدُ، وَالْآجُرِّيُّ: سَاعَةٌ. وَنَصَّ أَحْمَدُ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ، وَقَالَ أَيْضًا يَوْمٌ رِبَاطٌ، وَلَيْلَةٌ رِبَاطٌ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنَ الْمُقَامِ بِمَكَّةَ. ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إِجْمَاعًا، وَالصَّلَاةُ بِهَا أَفْضَلُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ: إِذَا اخْتُلِفَ فِي شَيْءٍ فَانْظُرْ مَا عَلَيْهِ أَهْلُ الثَّغْرِ فَإِنَّ الْحَقَّ مَعَهُمْ، وَهَلِ الْجِهَادُ أَفْضَلُ مِنَ الرِّبَاطِ أَمْ لَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ (وَهُوَ لُزُومُ الثَّغْرِ) وَكُلُّ مَكَانٍ يَخَافُ أَهْلُهُ مِنَ الْعَدُوِّ. مَأْخُوذٌ مِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ (لِلْجِهَادِ) وَأَفْضَلُهُ أَشَدُّهُ خَوْفًا؛ لِأَنَّهُمْ أَحْوَجُ، وَمَقَامُهُمْ بِهِ أَنْفَعُ (وَلَا يُسْتَحَبُّ نَقْلُ أَهْلِهِ) أَيِ: الْأَبْنَاءُ، وَالذُّرِّيَّةُ (إِلَيْهِ) لِأَنَّهُ مَخُوفٌ. وَلَا يُؤْمَنُ مِنْ ظَفَرِ الْعَدُوِّ بِمَنْ فِيهِ، وَاسْتِيلَاؤُهُمْ عَلَى الْأَهْلِ فَتَحْصُلُ بِهِ مَفْسَدَةٌ عَظِيمَةٌ (وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ يَوْمٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَنَازِلِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلِأَحْمَدَ عَنْهُ مَرْفُوعًا: «جُزْءٌ مِنْ لَيْلَةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ لَيْلَةٍ يُقَامُ لَيْلُهَا، وَيُصَامُ نَهَارُهَا» .

تَنْبِيهٌ: تَقَدَّمَ أَنَّ أَفْضَلَ الرِّبَاطِ الْمُقَامُ بِأَشَدِّ الثُّغُورِ خَوْفًا. قِيلَ لِأَحْمَدَ: أَيْنَ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ يَنْزِلَ الرَّجُلُ بِأَهْلِهِ؟ قَالَ: مَدِينَةٌ تَكُونُ مَعْقِلًا لِلْمُسْلِمِينَ كَأَنْطَاكِيَةَ، وَالرَّمْلَةِ، وَدِمَشْقَ، وَقَالَ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الشَّامُ أَرْضُ الْمَحْشَرِ، وَدِمَشْقُ مَوْضِعٌ يَجْتَمِعُ إِلَيْهِ النَّاسُ إِذَا غَلَبَتِ الرُّومُ.

قُلْتُ لَهُ: فَالْأَحَادِيثُ «أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - تَكَفَّلَ لِي بِالشَّامِ» فَقَالَ: مَا أَكْثَرُ مَا جَاءَ فِيهِ. قِيلَ لَهُ: إِنَّ هَذَا فِي الثُّغُورِ، فَأَنْكَرَهُ، وَقَالَ: «لَا يَزَالُ أَهْلُ الْمَغْرِبِ ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ» هُمْ أَهْلُ الشَّامِ.

وَيُسَمَّى الشَّامُ مَغْرِبًا بِاعْتِبَارِ الْعِرَاقِ، كَمَا يُسَمَّى الْعِرَاقُ مَشْرِقًا، وَفِيهِ حَدِيثُ مَالِكِ

<<  <  ج: ص:  >  >>