بِثَمَنِهِ، وَعَنْهُ: لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ، وَإِنْ أَخَذَهُ مِنْهُمْ بَعْضُ الرَّعِيَّةِ بِثَمَنٍ، فَصَاحِبُهُ أَحَقُّ بِهِ بِثَمَنِهِ، وَإِنْ أُخِذَ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ بِغَيْرِ شَيْءٍ. وَيَمْلِكُ الْكُفَّارُ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْكُفَّارَ مَلَكُوهُ بِاسْتِيلَائِهِمْ، فَصَارَ غَنِيمَةً كَسَائِرِ أَمْوَالِهِمْ. وَجَوَابُهُ مَا تَقَدَّمَ. وَكَذَا حُكْمُ مَا إِذَا أُخِذَ مَالُ مُعَاهِدٍ، وَقُلْنَا: يَمْلِكُونَ أَمْوَالَنَا. فَإِنْ كَانَ أُمَّ وَلَدٍ، لَزِمَ السَّيِّدَ أَخْذُهَا، لَكِنْ بَعْدَ الْقِسْمَةِ بِالثَّمَنِ، وَيُخَيَّرُ فِي الْبَاقِي (وَإِنْ أَدْرَكَهُ) صَاحِبُهُ (مَقْسُومًا فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ بِثَمَنِهِ) جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَغَيْرِهِ، لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ بَعِيرًا لَهُ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ أَصَابُوهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِنْ أَصَبْتَهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَهُوَ لَكَ وَإِنْ أَصَبْتَهُ بَعْدَ مَا قُسِّمَ أَخَذْتَهُ بِالْقِيمَةِ» . وَإِنَّمَا امْتَنَعَ أَخْذُهُ لَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ؛ لِئَلَّا يُفْضِيَ إِلَى حِرْمَانِ أَخْذِهِ مِنَ الْغَنِيمَةِ، وَلَوْ لَمْ يَأْخُذْهُ لَأَدَّى إِلَى ضَيَاعِ حَقِّهِ. فَالرُّجُوعُ فِي عَيْنِ مَالِهِ بِثَمَنِهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْحَقَّيْنِ (وَعَنْهُ: لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ، وَضَعَّفَ الْأَوَّلَ، وَقَالَ: هُوَ عَنْ مُجَاهِدٍ لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ مَرْفُوعًا: «إِنْ أَدْرَكَهُ بَعْدَ مَا قُسِّمَ فَلَيْسَ لَهُ فِيهِ شَيْءٌ» . وَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى السَّائِبِ: أَيُّمَا رَجُلٍ أَصَابَ رَقِيقَهُ أَوْ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَإِنْ أَصَابَهُ فِي أَيْدِي التُّجَّارِ بَعْدَمَا قُسِّمَ فَلَا سَبِيلَ إِلَيْهِ. وَعَنْ سَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ نَحْوُهُ. رَوَاهُمَا سَعِيدٌ. وَكَمَا لَوْ وَجَدَهُ فِي أَيْدِي الْمُسْتَوْلِي عَلَيْهِ، وَقَدْ جَاءَنَا بِأَمَانٍ أَوْ أَسْلَمَ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ: إِنَّهُ لِصَاحِبِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ بِغَيْرِ شَيْءٍ لِمُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ فَإِنَّ أَهْلَ الْعَصْرِ إِذَا أَجْمَعُوا عَلَى قَوْلَيْنِ فِي حُكْمٍ لَمْ يَجُزْ إِحْدَاثُ ثَالِثٍ. قَالَهُ فِي " الشَّرْحِ " وَفِيهِ شَيْءٌ، فَإِنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ صَاحِبَهُ إِذَا وَجَدَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَلَوْ بَعْدَ الْقِسْمَةِ إِذَا قُلْنَا: إِنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَهَا (وَإِنْ أَخَذَهُ مِنْهُمْ بَعْضُ الرَّعِيَّةِ بِثَمَنٍ، فَصَاحِبُهُ أَحَقُّ بِهِ بِثَمَنِهِ) كَمَا لَوْ أَخَذَهُ وَاحِدٌ مِنَ الْمَغْنَمِ بِحَقِّهِ. وَالثَّمَنُ هَاهُنَا كَالْقِيمَةِ هُنَاكَ (وَإِنْ أُخِذَ بِغَيْرِ عِوَضٍ) كَهِبَةٍ أَوْ سَرِقَةٍ وَنَحْوِهَا (فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ بِغَيْرِ شَيْءٍ) لِمَا رَوَى عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ «أَنَّ قَوْمًا أَغَارُوا عَلَى سَرْحَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخَذُوا نَاقَتَهُ وَجَارِيَةً مِنَ الْأَنْصَارِ فَأَقَامَتْ عِنْدَهُمْ أَيَّامًا، ثُمَّ خَرَجَتْ فَرَكِبَتِ النَّاقَةَ، وَنَذَرَتْ إِنْ نَجَّاهَا اللَّهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا، فَلَمَّا قَدِمَتِ الْمَدِينَةَ أَخَذَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَاقَتَهُ فَأَخْبَرَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنَذْرِهَا فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ بِئْسَمَا جَزَيْتِهَا لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ فِي يَدِهِ بِعِوَضٍ، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَدْرَكَهُ مِنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute