للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَمَّا الْمَرِيضُ الْعَاجِزُ عَنِ الْقِتَالِ، وَالْمُخَذِّلُ وَالْمُرْجِفُ، وَالْفَرَسُ الضَّعِيفُ الْعَجِيفُ فَلَا حَقَّ لَهُ وَإِذَا لَحِقَ مَدَدٌ، أَوْ هَرَبَ أَسِيرٌ، فَأَدْرَكُوا الْحَرْبَ قَبْلَ تَقَضِّيهَا، أَسْهَمَ لَهُمْ، وَإِنْ جَاءُوا بَعْدَ إِحْرَازِ الْغَنِيمَةِ، فَلَا شَيْءَ لَهُمْ.

وَإِذَا أَرَادَ الْقِسْمَةَ، بَدَأَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

(فَأَمَّا الْمَرِيضُ الْعَاجِزُ عَنِ الْقِتَالِ) أَيْ: لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ كَالْعَبْدِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَرَضَ إِذَا لَمْ يَمْنَعْ مِنَ الْقِتَالِ، كَالْحُمَّى وَالصُّدَاعِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ سَهْمُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ، وَيُعِينُ بِرَأْيِهِ وَتَكْثِيرِهِ وَدُعَائِهِ. (وَالْمُخَذِّلُ وَالْمُرْجِفُ) وَلَوْ قَاتَلَا؛ لِأَنَّ ضَرَرَهُمَا أَكْثَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا. (وَالْفَرَسُ الضَّعِيفُ الْعَجِيفُ فَلَا حَقَّ لَهُ) لِأَنَّهُ لَا نَفْعَ فِيهِ. وَظَاهِرُهُ وَلَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ الْوَقْعَةَ، وَلِأَنَّ الْإِمَامَ يَمْلِكُ مَنْعَهُ، فَلَمْ يُسْهِمْ لَهُ كَالْمُخَذِّلِ، وَفِيهِ وَجْهٌ يُسْهِمُ لَهُ كَالْمَرِيضِ، وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ، وَحُكْمُ الْكَافِرِ وَالْعَبْدِ إِذَا لَمْ يُؤْذَنْ لَهُمَا. وَمَنْهِيٌّ عَنْ حُضُورِهِ كَذَلِكَ، وَالْأَصَحُّ: أَوْ بِلَا إِذْنِهِ، وَلَا يَرْضَخُ لَهُمْ لِأَنَّهُمْ عُصَاةٌ، وَكَذَا مَنْ هَرَبَ مِنِ اثْنَيْنِ. ذَكَرَهُ فِي " الرَّوْضَةِ " بِخِلَافِ غَرِيمٍ. (وَإِذَا لَحِقَ مَدَدٌ) هُوَ مَا أَمْدَدْتَ بِهِ قَوْمًا فِي الْحَرْبِ (أَوْ هَرَبَ أَسِيرٌ) أَوْ أَسْلَمَ كَافِرٌ، أَوْ بَلَغَ صَبِيٌّ، أَوْ عَتَقَ عَبْدٌ (فَأَدْرَكُوا الْحَرْبَ قَبْلَ تَقَضِّيهَا أَسْهَمَ لَهُمْ) لِقَوْلِ عُمَرَ، وَلِأَنَّهُمْ شَارَكُوا الْغَانِمِينَ فِي السَّبَبِ، فَشَارَكُوهُمْ فِي الِاسْتِحْقَاقِ، كَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْحَرْبِ، وَكَذَا إِذَا صَارَ رَجُلٌ فَارِسًا، وَعَكْسُهُ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُسْهِمُ لَهُمْ وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلُوا (وَإِنْ جَاءُوا بَعْدَ إِحْرَازِ الْغَنِيمَةِ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ) قَالَ الْخِرَقِيُّ: لِأَنَّ بِهِ يَحْصُلُ تَمَامُ الِاسْتِيلَاءِ، وَقَالَ الْقَاضِي: يَمْلِكُ الْغَنِيمَةَ بِانْقِضَاءِ الْحَرْبِ، وَإِنْ لَمْ يُحْرِزْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ " لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ «أَنَّ أَبَانَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَأَصْحَابَهُ قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَيْبَرَ بَعْدَ أَنْ فَتَحَهَا فَقَالَ أَبَانُ: اقْسِمْ لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ: اجْلِسْ يَا أَبَانُ، وَلَمْ يَقْسِمْ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَلِأَنَّهُمْ لَمْ يَشْهَدُوا الْوَقْعَةَ، كَمَا لَوْ أَدْرَكُوا قَبْلَ الْقِسْمَةِ، فَلَوْ لَحِقَهُمْ عَدُوٌّ، وَقَاتَلَ الْمَدَدُ مَعَهُمْ حَتَّى سَلَّمُوا الْغَنِيمَةَ، فَلَا شَيْءَ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا قَاتَلُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>