للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا أُخِذَ مِنَ الْفِدْيَةِ أَوْ أَهْدَاهُ الْكُفَّارُ لِأَمِيرِ الْجَيْشِ أَوْ بَعْضِ قُوَّادِهِ، فَهُوَ غَنِيمَةٌ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَتَصَدَّقْ بِثَمَنِهِ. وَالْأَصَحُّ: وَكُتُبُ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْقَصْدُ الْإِضْرَارَ بِهِ فِي دِينِهِ، بَلْ فِي بَعْضِ دُنْيَاهُ. (وَالْحَيَوَانَ) لِنَهْيِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْ يُعَذِّبَ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّهَا، وَعَدَمِ دُخُولِهِ فِي مُسَمَّى الْمَتَاعِ الْمَأْمُورِ بِإِحْرَاقِهِ، وَكَذَا آلَتُهَا، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَاجُ إِلَيْهَا، وَكَذَا نَفَقَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحْرَقُ عَادَةً، وَكَسَهْمِهِ وَثِيَابِهِ الَّتِي عَلَيْهِ، لِئَلَّا يُتْرَكَ عُرْيَانًا، وَقِيلَ: سَاتِرُ عَوْرَتِهِ. جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ ". وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُحْرَمُ سَهْمَهُ، لِعَدَمِ ذِكْرِهِ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ، وَعَنْهُ: بَلَى، اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ، وَلَمْ يَسْتَثْنِ إِلَّا الْمُصْحَفَ وَالدَّابَّةَ، وَأَنَّهُ قَوْلُ أَحْمَدَ.

فَرْعٌ: مَا أَبْقَتِ النَّارُ مِنْ حَدِيدٍ وَنَحْوِهِ، فَهُوَ لَهُ، فَإِذَا تَابَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، رَدَّ مَا أَخَذَهُ فِي الْغَنِيمَةِ، وَبَعْدَهَا يُعْطِي الْإِمَامَ خُمُسَهُ، وَيَتَصَدَّقُ بِالْبَاقِي. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا أَعْرِفُ لِلصَّدَقَةِ وَجْهًا. قَالَ الْآجُرِّيُّ: يَأْتِي بِهِ الْإِمَامُ فَيُقَسِّمُهُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَنْ سَتَرَ عَلَى الْغَالِّ وَأَخَذَ مَا أُهْدِيَ لَهُ مِنْهَا، أَوْ بَاعَهُ إِمَامٌ، أَوْ حَابَاهُ، فَهُوَ غَالٌّ.

(وَمَا أُخِذَ مِنَ الْفِدْيَةِ) أَيْ: مِنْ فِدْيَةِ الْأُسَارَى، فَهُوَ غَنِيمَةٌ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَسَّمَ فِدَاءَ أُسَارَى بَدْرٍ بَيْنَ الْغَانِمِينَ، وَلِأَنَّهُ مَالٌ حَصَلَ بِقُوَّةِ الْجَيْشِ أَشْبَهَ السِّلَاحَ (أَوْ أَهْدَاهُ الْكُفَّارُ) أَوْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ (لِأَمِيرِ الْجَيْشِ أَوْ بَعْضِ قُوَّادِهِ) جَمْعُ قَائِدٍ؛ وَهُوَ نَائِبُهُ (فَهُوَ غَنِيمَةٌ) أَيْ: لِلْجَيْشِ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ خَوْفًا مِنَ الْجَيْشِ، فَيَكُونُ غَنِيمَةً كَمَا لَوْ أَخَذَهُ بِغَيْرِهَا. وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَعَنْهُ: هُوَ لِلْمُهْدَى لَهُ، وَقِيلَ: فَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ لَمْ يُوجَفْ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ، فَلَوْ كَانَتْ بِدَارِنَا، فَهِيَ لِمَنْ أُهْدِيَتْ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَبِلَ هَدِيَّةَ الْمُقَوْقِسِ، وَاخْتُصَّ بِهَا، وَقِيلَ: فَيْءٌ، وَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ الْهَدِيَّةَ لِأَحَدِ الرَّعِيَّةِ فِي دَارِهِمْ يُخْتَصُّ بِهَا، كَمَا لَوْ أُهْدِيَ إِلَيْهِ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، وَقَالَ الْقَاضِي: هُوَ غَنِيمَةٌ، وَفِي " الشَّرْحِ " احْتِمَالٌ إِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَادَاةٌ قَبْلَ ذَلِكَ، فَهِيَ لَهُ، وَإِلَّا فَهِيَ لِلْمُسْلِمِينَ كَهَدِيَّةِ الْقَاضِي، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>