للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسْتَغْنَى فَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ تُؤْخَذُ مِنْهُ فِي آخِرِ الْحَوْلِ بِقَدْرِ مَا أَدْرَكَ، وَمَنْ كَانَ يُجَنُّ وَيُفِيقُ، لُفِّقَتْ إِفَاقَتُهُ، فَإِذَا بَلَغَتْ حَوْلًا، أُخِذَتْ مِنْهُ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُؤْخَذَ مِنْهُ فِي آخِرِ كُلِّ حَوْلٍ بِقَدْرِ إِفَاقَتِهِ مِنْهُ، وَتُقَسَّمُ الْجِزْيَةُ بَيْنَهُمْ، فَيُجْعَلُ عَلَى الْغَنِيِّ ثَمَانِيَةٌ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

مُعْتِقُهُ مُسْلِمًا لِوَلَايَتِهِ عَلَيْهِ، كَالرِّقِّ، فَإِنْ كَانَ مُعْتَقًا بَعْضُهُ فَيَلْزَمُهُ بِقَدْرِ جِزْيَتِهِ كَالْإِرْثِ فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ. (وَلَا فَقِيرٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦] وَلِأَنَّهَا مَالٌ يَجِبُ بِحُلُولِ الْحَوْلِ، فَلَمْ يَلْزَمِ الْفَقِيرَ كَالزَّكَاةِ (يَعْجِزُ عَنْهَا) لِأَنَّ الْجِزْيَةَ خَرَاجُ الرُّءُوسِ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ الْخَرَاجُ بِقَدْرِ الْغَلَّةِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ غَلَّةٌ، لَمْ يَجِبْ كَالْأَرْضِ الَّتِي لَا تُنْبِتُ شَيْئًا.

وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَا يَعْجِزُ عَنْهَا وَجَبَتْ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْأَغْنِيَاءِ، وَفِي الْفَقِيرِ الْعَاجِزِ عَنْهَا احْتِمَالٌ بِالْوُجُوبِ كَالْفَقِيرِ الْمُعْتَمِلِ عَلَى الْأَصَحِّ.

تَنْبِيهٌ: لَا تَلْزَمُ رَاهِبًا بِصَوْمَعَةٍ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْوَجِيزِ " بِهَا.

وَفِيهِ وَجْهٌ: تَجِبُ؛ لِأَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَرَضَهَا عَلَى الرُّهْبَانِ، عَلَى كُلِّ رَاهِبٍ دِينَارًا، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَا يَبْقَى فِي يَدِهِ مِنَ الْمَالِ إِلَّا بُلْغَتُهُ. وَفِي اتِّجَارِهِ أَوْ زِرَاعَتِهِ، وَهُوَ مُخَالِطٌ لَهُمْ فَيَلْزَمُهُ إِجْمَاعًا.

(وَمَنْ بَلَغَ أَوْ أَفَاقَ أَوِ اسْتَغْنَى) أَوْ عَتَقَ (فَهُوَ مِنْ أَهْلُهَا) أَيْ: مِنْ أَهْلِ الْجِزْيَةِ (بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ) وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى اسْتِئْنَافِ عَقْدٍ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ تَجْدِيدُهُ لِمَنْ ذَكَرَ، لِكَوْنِ أَنَّ الْعَقْدَ يَقَعُ مَعَ سَادَتِهِمْ، فَيَدْخُلُ فِيهِ سَائِرُهُمْ. وَقَالَ الْقَاضِي: يُخَيَّرُ بَيْنَ الْتِزَامِ الْعَقْدِ، وَبَيْنَ أَنْ يُرَدَّ إِلَى مَأْمَنِهِ، فَيُجَابُ إِلَى مَا يَخْتَارُ؛ فَعَلَى الْأَوَّلِ (تُؤْخَذُ مِنْهُ فِي آخِرِ الْحَوْلِ) لِأَنَّ الْجِزْيَةَ لِلسَّنَةِ (بِقَدْرِ مَا أَدْرَكَ) فَعَلَيْهِ، إِنْ صَارَ أَهْلًا مِنْ أَوَّلِ السَّنَةِ أُخِذَتْ مِنْهُ فِي آخِرِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي نِصْفِهِ، فَنِصْفُهَا عَلَى هَذَا الْحِسَابِ. وَلَا يُتْرَكُ حَتَّى يُتِمَّ حَوْلًا مِنْ حِينِ وُجِدَ سَبَبُهُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى إِفْرَادِهِ بِحَوْلٍ، وَضَبْطُ كُلِّ إِنْسَانٍ بِحَوْلٍ يَشُقُّ وَيَتَعَذَّرُ. (وَمَنْ كَانَ يُجَنُّ وَيُفِيقُ لُفِّقَتْ إِفَاقَتُهُ) لِأَنَّهُ أَمْكَنَ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ. (فَإِذَا بَلَغَتْ) إِقَامَتُهُ (حَوْلًا أُخِذَتْ مِنْهُ) لِأَنَّ حَوْلَهُ لَا يَكْمُلُ إِلَّا حِينَئِذٍ (وَيُحْتَمَلُ) هَذَا قَوْلٌ فِي الْمَذْهَبِ (أَنْ تُؤْخَذَ مِنْهُ فِي آخِرِ كُلِّ حَوْلٍ بِقَدْرِ إِفَاقَتِهِ مِنْهُ) لِأَنَّهَا تُؤْخَذُ فِي كُلِّ حَوْلٍ، فَوَجَبَ الْأَخْذُ بِحِسَابِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>