تَعَدَّى عَلَى مُسْلِمٍ بِقَتْلٍ أَوْ قَذْفٍ أَوْ زِنًا، أَوْ قَطْعِ طَرِيقٍ أَوْ تَجَسُّسٍ أَوْ إِيوَاءِ جَاسُوسٍ، أَوْ ذَكَرَ اللَّهَ - تَعَالَى - أَوْ كِتَابَهُ أَوْ رَسُولَهُ بِسُوءٍ، فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَإِنْ أَظْهَرَ مُنْكَرًا أَوْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِكِتَابِهِ وَنَحْوِهِ، لَمْ يَنْتَقِضْ عَهْدُهُ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ يَنْتَقِضُ إِنْ كَانَ مَشْرُوطًا عَلَيْهِمْ، وَلَا يَنْتَقِضُ عَهْدُ نِسَائِهِ وَأَوْلَادِهِ بِنَقْضِ عَهْدِهِ وَإِذَا انْتَقَضَ عَهْدُهُ، خُيِّرَ الْإِمَامُ فِيهِ، كَالْأَسِيرِ الْحَرْبِيِّ وَمَالُهُ فَيْءٌ عِنْدَ الْخِرَقِيِّ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَكُونُ لِوَرَثَتِهِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْقِصَاصَ، وَيُعَزَّرُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَهْدُ بَاقٍ، وَنَصُّهُ فِيمَنْ قَذَفَ مُسْلِمًا أَوْ آذَاهُ بِسِحْرٍ فِي تَصَرُّفَاتِهِ كَإِبْطَالِ بَعْضِ أَعْضَائِهِ، أَنَّهُ لَا يَنْتَقِضُ؛ لِأَنَّ ضَرَرَهُ لَا يَعُمُّ الْمُسْلِمِينَ، أَشْبَهَ مَا لَوْ لَطَمَهُ بِخِلَافِ مَا سَبَقَ، فَإِنَّ فِيهِ غَضَاضَةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ، خُصُوصًا بِسَبِّ اللَّهِ وَدِينِهِ وَرَسُولِهِ. وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ إِذَا فَتَنَ مُسْلِمًا عَنْ دِينِهِ، أَوْ أَصَابَ الْمُسْلِمَةَ بِاسْمِ نِكَاحٍ: أَنَّهُ يُنْتَقَضُ. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ الْخِلَافَ السَّابِقَ مَعَ الشَّرْطِ.
(وَإِنْ أَظْهَرَ مُنْكَرًا أَوْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِكِتَابِهِ) أَوْ رَكِبَ الْخَيْلَ (لَمْ يَنْتَقِضْ عَهْدُهُ) لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَقْتَضِيهِ، وَلَا ضَرَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِيهِ، وَلَكِنْ يُعَزَّرُ لِارْتِكَابِهِ الْمُحَرَّمَ فِي نَفْسِهِ. (وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ) . وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " (أَنَّهُ يُنْتَقَضُ إِنْ كَانَ مَشْرُوطًا عَلَيْهِمْ) لِحَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ بِشَرْطٍ، فَزَالَ بِزَوَالِهِ، كَمَا لَوِ امْتَنَعَ مِنْ بَذْلِ الْجِزْيَةِ. (وَلَا يَنْتَقِضُ عَهْدُ نِسَائِهِ وَأَوْلَادِهِ بِنَقْضِ عَهْدِهِ) نَقَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ. لِأَنَّ النَّقْضَ وُجِدَ مِنْهُ دُونَهُمْ، فَاخْتُصَّ حُكْمُهُ بِهِ. وَظَاهِرُهُ: لَحِقُوا بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ لَا، وَفَى " الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ " بَلَى؛ كَحَادِثٍ بَعْدَ نَقْضِهِ بِدَارِ حَرْبٍ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ فِي " الْفُصُولِ " وَ " الْمُحَرَّرِ " بِهَا، وَفَى " الْعُمْدَةِ " يَنْتَقِضُ فِي ذُرِّيَّتِهِ إِنْ أَلْحَقَهُمْ بِدَارِ حَرْبٍ، وَكَمَنَ عَلِمَ مِنْهُمْ بِنَقْضِهِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ فَفِيهِ وَجْهَانِ. فَلَوْ حَمَلَتْ بِهِ أُمُّهُ وَوَلَدَتْهُ بَعْدَ النَّقْضِ فَإِنَّهُ يُسْتَرَقُّ وَيُسْبَى لِعَدَمِ ثُبُوتِ الْأَمَانِ لَهُ، وَمَنِ انْتَقَضَ عَهْدُهُ فِي نَفْسِهِ، انْتَقَضَ عَهْدُهُ فِي مَالِهِ، وَسَيَأْتِي.
(وَإِذَا انْتَقَضَ عَهْدُهُ؛ خُيِّرَ الْإِمَامُ فِيهِ كَالْأَسِيرِ الْحَرْبِيِّ) لِفِعْلِ عُمَرَ، وَلِأَنَّهُ كَافِرٌ لَا أَمَانَ لَهُ، أَشْبَهَ الْأَسِيرَ، وَكَمَا لَوْ دَخَلَ مُتَلَصِّصًا، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِيمَنْ نَقَضَهُ بِلُحُوقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَمَنْ نَقَضَهُ بِغَيْرِهِ، فَنَصُّهُ: يُقْتَلُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا يُوجِبُهُ لَوْ كَانَ مُسْلِمًا، وَكَذَا فَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا، فَقِيلَ: يَتَعَيَّنُ قَتْلُهُ، قَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِيهِ، وَعَلَى ذَلِكَ تُشْرَعُ اسْتِتَابَتُهُ بِالْعَوْدِ إِلَى الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute